[٤٤] إن مشكلة الإنسان العميقة التي تجعله يكفر بالبعث أو يشك في الآخرة ، هي شكه في قدرة الله ، بسبب نظرته المحدودة إلى الحياة ، فاذا به يستبعد كما في هذه السورة أن يرجع الإنسان سويا بعد تحوله إلى تراب أو رميم من العظام لذلك يؤكد الله يسر الأمر عليه فيقول :
(يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ)
كما تشقق عن الفطر والنبات ، ولكن العملية تتم في فترة زمنية ووجيزة جدا ، فاذا بالناس جميعا وقوف ينظرون ، وهذه من أصعب الساعات على البشر ، قال الامام علي (ع): «أشد ساعات ابن آدم ثلاث (منها) الساعة التي يقوم فيها من القبر» (١) وقال : «لا تنشق الأرض عن أحد يوم القيامة إلّا وملكان آخذان بضبعه (عضده) يقولان : أجب رب العزة» (٢).
[٤٥] ويختم الله السورة بالتأكيد للنبيّ ـ ولكل داعية إلى الحق ـ بأنه ليس مسئولا عن الناس وليس عليه أن يجبر الناس على قبول الحق ، وإنما مسئوليته تتلخص في تبليغ رسالته إليهم ، أما الحساب الفصل فهو عند الله ، الذي هو أحرص على رسالته ، وأعلم بمواقف الناس تجاهها.
(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ)
وما هي قيمة الايمان الذي لا يأتي عن قناعة راسخة بضرورته؟ إنه لا ينفع صاحبه ، ولا يخدم الرسالة ، وفي هذه الآية بيان لجانب من الحرية في دين الله.
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ / ص ١١٩
(٢) المصدر / ص ١٢٠