يعني العقل (الذي هو جوهر النفس) وإنما سميت النفس قلبا تقلبها من حال إلى حال أو بسبب تقليب المعلومات سعيا وراء المعارف الجديدة.
وصاحب القلب هو الذي يقلب الأمور بتفكيره على وجوهها المتعددة ليتبع أحسنها بعد نظرة عميقة شاملة. يقول تعالى : «الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ» (١) ولعل المقصود لأولي القلوب هم العلماء الذين يفقهون معاني الآيات باستشارة عقولهم مما نجد له إشارة في قوله تعالى : «وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ» (٢) قال الامام الكاظم (ع): يا هشام إن الله يقول في كتابه : «(إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) يعني عقل» (٣) ولا ريب ان أهل بيت العصمة وأئمة الهدى عليهم السلام أئمة العقلاء والراسخين في العلم فهم أجلى مصاديق هذه الآية الكريمة ولا غرابة أن يقول أمير المؤمنين (ع): ألّا واني مخصوص في القرآن بأسماء احذروا أن تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم ، أنا ذو القلب ، يقول الله عزّ وجلّ : «إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ» (٤).
وإذا لم يكن الإنسان عالما يستطيع التذكر والاهتداء الى الحق بنفسه ، فانّه يجد سبيلا إلى ذلك بالاستماع إلى آيات الله واتباع أئمة الحق والهدى والعلماء الصالحين.
(أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)
__________________
(١) الزمر / ١٨
(٢) آل عمران / ٧
(٣) نور الثقلين / ج ٥ ص ١١٦
(٤) المصدر