(وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ)
لأنّ العذاب الذي يرونه يكفيهم ، والأجل الذي يتمتعون فيه لا يسوى شيئا إذا قيس بذلك العذاب الرهيب الخالد.
(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ)
فإذا كان اليوم الواحد في الآخرة ألف عام ، فما قيمة سبعين عاما إذا قيست بسنيّ تلك الأيّام؟! إنّها في أفضل حال لحظات من نهار في عمر طويل ، وهل يسعد من خسر كلّ عمره لقاء لحظات تمتع فيها؟!
وهكذا ينبغي أن يتسلّح المؤمن بحسابات أخروية ، فلا يجزع من تأخير النصر ، ويقول : كم سنة مرّت ولمّا ينصرنا الله! بل يحسب سنواته قياسا على أيّام الآخرة وسنينها ، هنالك يستطيع أن يتّبع خطى أولي العزم من الرسل في الصبر والاستقامة. أليس يتبعهم في مسئولية أداء الرسالة وبلاغها؟
كذلك نجد في النصوص الإسلامية التوصية بالصبر اتباعا لنهج الأنبياء ، ففي رسالة مفصّلة إلى أصحابه يقول الإمام الصادق (عليه السلام):
إنّه لا يتمّ الأمر حتى دخل (يدخل) عليكم مثلما دخل على الصالحين قبلكم ، وحتى تبتلوا في أنفسكم وأموالكم ، وحتى تسمعوا من أعداء الله أذى كثيرا وتصبروا وتعركوا (١) بجنوبكم ، وحتى يستذلوكم ويبغضوكم ، وحتى تحملوا الضيم ، فتحتملوه منهم ، تلتمسون بذلك وجه الله والدار الآخرة ، وحتى تكظموا الغيظ الشديد في الأذى في الله جلّ وعزّ ، يجترمونه إليكم ، وحتى يكذّبوكم بالحق ، ويعادوكم فيه ، ويبغضوكم عليه ، فتصبروا على ذلك منهم.
__________________
(١) عرك الأذى بجنبه أي احتمله.