(بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ)
وتفسّر هذه الآية تفسيرا عميقا الحكمة المعروفة «كما تكونون يولّى عليكم» ، وربما لذلك حذّر أمير المؤمنين (ع) في وصيته المعروفة قائلا :
«لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي عليكم شراركم» (٤)
[٣١] وهنالك لا يجد الظالمون بدّا من الاعتراف باستحقاق العذاب ، وهذا هو معنى المسؤولية في قول الله : «وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ» فالتبرير في الدنيا لا ينفع الإنسان في الآخرة إنّما يورده النار.
(فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ)
لقد سبقت كلمة ربنا على المستكبرين بالغواية والضلالة ، والعذاب بالنار ، ولا يمكن لمن يتحدّى رسالات ربه الاهتداء الى الحق ، لأنّ المصدر الوحيد لنور الهداية فضل الله ، ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور.
[٣٢] ثم بيّن المستكبرون أنّهم بدورهم كانوا غاوين ، وأنّ اتباع المستضعفين لهم كان يؤدي بهم الى الغواية. وهكذا يتحمّل المستضعفون كامل المسؤولية عن ضلالتهم لأنّهم اتبعوا رجالا ضالين. وهل ينتظر لمن اتبع ضالا أن يهتدي السبيل؟
(فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ)
إنّ أبسط أحكام العقل وأوضحها هو ضرورة اتباع الهداة المهديين ، وهؤلاء الذين يقلّدون أو يتبعون الضالين يحتجّ عليهم ربّهم بهذا الحكم الذي هداهم اليه العقل بوضوح شديد.
__________________
(٤) نهج البلاغة / وصية (٤٧) / ص (٤٢٢).