هؤلاء بحاجة إلى إصلاح أنفسهم قبل تلقّي آيات الله.
(فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ)
(٥٣) (وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ)
ويبدو ان السياق يقسّم هؤلاء الناس إلى ثلاثة أقسام : الميّت والأصم والأعمى.
ولعلّ الأوّل هو الكافر الذي يكون بمثابة الميت ، الذي لا يسمع ولا يرى ، أمّا الثاني فهو الأصم الذي يمكن أن يفهم بالاشارة ، ولكن بسبب تولّيه مدبرا لا يسمع ، كما انه لا يرى ، والثالث الأعمى الذي يمكن ان يسمع ويعي ، ولكنه لا يستطيع ان يطبق ما يسمع لأنه أعمى.
واستخدم السمع للميت ، باعتباره آخر ما يفقده الحي ، واستخدم السمع للأصم لان ابرز عيب فيه عدم السماع ، ولم يستخدم السماع للأعمى لأنه يسمع ، بل قال : «وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ».
ان السمع الذي هو بداية فهم التجربة والانتفاع لا يكون الا عند التسليم ، فمن فقد حالة التسليم النفسي للحق لم ينتفع حتى بسمعه.
وكلمة أخيرة :
في درس مضى قرأنا قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وفي الآية بعدها يذكر إرسالا آخرا ، ولكن ليس للرياح وإنّما للرسل ، فيأتوهم