لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل ، وكانوا مستبصرين ، ورغبوا عن اختيار الله واختيار رسوله (ص) الى اختيارهم ، والقرآن يناديهم : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) وقال عز وجل : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (٢)
(٣٧) وكمثال على قضاء الله في الحقل الاجتماعي ، يستعرض السياق بشيء من التفصيل قصة زيد ابن حارثة ابن شرحبيل ، فهي من المسائل التي كان قضاء الله فيها مخالفا للعرف آنذاك ، وزيد ابن شيخ لقبيلة اسمه حارثة ، أغارت عليها قبيلة أخرى ، فأخذ وبيع في مكة ، فاشتراه الرسول (ص) والذي كان يسعى حتى قبل بعثته لتصفية آثار الجاهلية قدر ما يستطيع ، وهكذا ينبغي للإنسان المؤمن السعي بما يستطيع وكيفما يقدر لازالة آثار الجاهلية (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) فالرسول (ص) لم يكن قادرا على شراء كلّ العبيد وعتقهم أو تربيتهم ، ولكنه اشترى بعضهم.
وفي قصة طويلة جاء والد زيد زائرا لمكة ، وطلب من الرسول ان يشتري ولده ، فجعل الرسول الخيار لزيد في البقاء معه أو الرحيل مع والده ـ بعد أن أعتقه ـ فاختار البقاء مع المسلمين وفي كنف النبي (ص).
فعاش كأبرز صحابة الرسول ، وقد أبلى في الإسلام بلاء حسنا ، وكذلك ابنه اسامة (رضي الله عنهما).
(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ)
__________________
(٢) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٢٧٩).