(٢٠) ثم يحدثنا السياق عن الفريق الآخر :
(وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ)
والفاسق هو الخارج عن الصراط المستقيم ، الصراط الذي ينتهي الى جنة الله ورضوانه ، فالفاسقون إذن يصيرون الى النار ، وفي الآيتين فكرة هامة هي : أنّ مستقبل الإنسان رهين عمله في الدنيا ، فهو يستطيع أن يجعل مأواه الجنة ، كما يستطيع أن يجعله النار.
(كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها)
لان الذي يخرج الإنسان من النّار هو ايمانه بالله وعمله الصالح ، وهؤلاء لا يملكون شيئا من ذلك ، ولهذا فلن يستطيعوا الخروج منها ، ويبدو أنّ أهل النار لا ييأسون من الخروج منها ، فاذا بهم يحاولون المرة بعد الأخرى الخلاص ، ولكن دون جدوى. وفي الحديث :
«يقول المؤمنون ـ لأهل النار ـ : انظروا الى هذه الأبواب ، فينظرون الى أبواب الجنان مفتحة ، يخيّل إليهم أنها الى جهنم التي فيها يعذبون ، ويقدّرون أنهم ممكنون أن يتخلصوا إليها ، فيأخذون في السباحة في بحار حميمها ، وعدوا بين أيدي زبانيتها ، وهم يلحقونهم ويضربونهم بأعمدتهم ومرزباتهم وسياطهم ، فلا يزالون هكذا يسيرون هناك ، وهذه الأصناف من العذاب تمسهم ، حتى إذا قدّروا أنهم بلغوا تلك الأبواب ، وجدوها مردومة عنهم ، وتدهدههم الزبانيّة بأعمدتها فتنكسهم الى سواء الجحيم» (٩)
__________________
(٩) بح ج (٨) / ص (٢٩٩).