ان هذه الحالة تتكرر عند الإنسان في أوقات عديدة ، عند ما يحيط به حريق هائل ، عند ما يدخل عزيز له الى غرفة الانعاش ويشير الأطباء انهم لا يملكون من أمره شيئا ، وحين ترتطم سيارته في طريق مهجور فيتدفق الدم من جوارحه ، و. و.
إن تعلق القلب آنئذ بالرب الحق وحده لا شريك له لشاهد صدق على زيف الشركاء ، ولكن الإنسان يفقد هذا الايمان النقي بعد مرور الخطر.
وينقسم الناس فريقين : فمنهم من تبقى عنده آثار تلك الساعة فيشكرون الرب ، ويصبرون على بلائه وهؤلاء هم المقتصدون.
(فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ)
وهو المعتدل والموفي بعهده.
وهؤلاء تبقى في نفوسهم آثار تلك الشعلة الإلهية ، التي أوقدتها حالة الانقطاع الى الرب ، ومنهم الجاحدون الذين يفقدون الوفاء والشكر للنعماء.
(وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ)
والختار هو الذي ينكث عهده كثيرا ، ولعل الكلمة تقابل الصبار لأن حالة الصبر تعني الاستقامة ، والبقاء على العهد ، وبالتالي عدم تبدل المواقف حسب الظروف أو حسب المصالح ، والكفور صفة مقابلة للشكور.
(٣٣) لكي يتسع وعي الإنسان المستقبل لا بد أن يتصوره باستمرار ، ويعرف مدى خطورته ، ولرب مستقبل أعظم ثقلا وحضورا وشهادة من اللحظة الراهنة لأهميته القصوى كذلك اليوم الآخر.