كاف لوجوب العمل بالراجح ، واختيارهم عليهمالسلام بهذه المرجِّحات على غيرهم من المجتهدين ، فلا يكون العدول عنهم إلاَّ اتّباعاً للهوى والتقليد المألوف.
فقال : أنا لا أشك في اجتهادهم ، وغزارة علمهم ، ونجاة مقلِّدهم ، ولكن مذهبهم لم ينقل ولم يشتهر ، كما نقلت المذاهب الأربعة.
فقلت : إن كان مرادك أن الحنفيّة والشافعيّة لم ينقلوه ، فمسلَّم ، ولكن لا يضرُّنا ; لأنَّا لم ننقل مذهبهما أيضاً ، والشافعيَّة لم ينقلوا مذهب أبي حنيفة ، وبالعكس ، وكذا باقي المذاهب ، وليس ذلك طعناً فيها عندكم.
وإن كان مرادك أنه لم ينقله أحد من المسلمين ، فهذه مكابرة محضة ; لأن شيعتهم ، وكثيراً من أهل السنة وباقي الطوائف قد نقلوا أقوالهم وآدابهم وعباداتهم ، واعتنى الشيعة بذلك أشدَّ الاعتناء ، وبحثوا عن تصحيح الناقلين وجرحهم وتعديلهم أشدَّ البحث ، وهذه صحاح أحاديثهم وكتب الجرح والتعديل عندهم مدوَّنة مشهورة بينهم ، لا يمكن إنكارها.
وعلماء الشيعة وإن كانوا أقلَّ من علماء السنة ، ولكن ليسوا أقلَّ من فرقة من فرق المذاهب الأربعة ، خصوصاً الحنابلة والمالكيّة ، فإن الشيعة أكثر منهم يقيناً ، ولم يزل ـ بحمد الله ـ علماء الشيعة في جميع الأعصار أعلم العلماء وأتقاهم ، وأحذقهم في فنون العلوم ، أمَّا في زمن الأئمّة الاثني عشر عليهمالسلام فواضح أنه لم يساوهم أحد في علم ولا عمل ، حتى فاق تلاميذهم ، واشتهروا بغزارة العلم ، وقوّة الجدال ، كهشام بن الحكم ، وهشام بن سالم ، وجميل بن درّاج ، وزرارة بن أعين ، ومحمّد بن مسلم ، وأشباههم ممّن عرفهم مخالفوهم في المذهب ، وأثنوا عليهم بما لا مزيد عليه.
وأمَّا بعد زمان الأئمَّة فمنهم مثل ابن بابويه ، والشيخ الكليني ، والشيخ