والحكّام الذين يمثلِّون حكومته في الأرض ، قال تعالى : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) (١) وقال تعالى : ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) (٢) وقال : ( قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (٣) وهذا غير الآيات التي تحدَّثت عن اصطفاء الله للخلفاء ، فأمر الحكم هو من اختصاص الله عزّ وجلَّ ، فلا تجري فيه الديمقراطيَّة.
رابعاً : ولو سلّمنا جدلا أنّ الديمقراطيَّة يمكن أن تكون طريقاً لاختيار الحاكم ، لكنّها لا تفيد مع ذلك المجتمع الجاهلي الذي لم يعرف في طول تأريخه معنى الشورى ، فإنّ الأنظمة التي كانت سائدة هي الأنظمة القبليّة ، والتقسيمات العشائريّة ، التي لا تعترف إلاَّ بقانون القوَّة.
قلت : لكنَّ النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سعى سعياً حثيثاً لمحو الروح القبليّة ، وإذابة الفوارق العشائريّة ، وجمع ذلك الشتات في بوتقة الإيمان الموحّد.
خالي : نعم هذا صحيح ، ولكن ليس من الممكن أن ينقلب النظام القبلي في مدّة ثلاثة وعشرين عاماً إلى نظام موحَّد إسلاميٍّ ، فقد كان لا يرى إلاّ الانتساب إلى القبليَّة فخراً له ، والأدلة على ذلك كثيرة ، فقد نقل البخاري في صحيحه : ( تنازع مهاجريٌّ مع أنصاريٍّ ، فصرخ الأنصاري : يا معشر الأنصار! وصرخ المهاجري : يا معشر المهاجرين! ولمَّا سمع النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : دعوها فإنّها
__________________
١ ـ سورة البقرة ، الآية : ٣٠.
٢ ـ سورة الأنبياء ، الآية : ٧٣.
٣ ـ سورة البقرة ، الآية : ١٢٤.