ومن جهة أخرى : لا يتصور الناس بأن الإنسان الضال يمكن ان تنفعهم قدرته وقوته شيئا. كلا .. لأن الضلالة تسبب فساد القوة والقدرة مهما كانت كبيرة وهائلة ، ويذكرنا القرآن بهذه الحقيقة فيقول :
(وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً)
الذي يضلك لا يمكنك ان تتخذه عضدا لك ، ونلاحظ هنا ان القرآن قد وصف المضلين وهم جمع بكلمة «عضدا» وهي مفرد ، ولم يقل : اعضادا ، لأنه يريد ان ينفي الموضوع تماما.
وذلك أبلغ لأن الإنسان قد لا يتخذ مجموعة أعضاد ، وانما يأخذ عضدا واحدا ، ونفي المجموع ليس ينفي الفرد الواحد. بينما نفيها حيث تنفي حتى الواحد فانه يعني المجموع أيضا ليس موجود.
حرام أن يتخذ الإنسان في حياته الدنيا رجلا ضالا عضدا يستعين به ، وبهذه الدرجة من العنف ينفى القرآن مسألة الاستعانة بالظالمين والتعاون معهم في أي حقل من الحقول.
وجعلنا بينهم موبقا :
[٥٢] (وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ)
في يوم القيامة يأتي الله بالناس الذين اتخذوا الشيطان وذريته قادة ويقول : سأدعكم الآن لفترة تنادون أولئك القادة الذين كنتم تستعينون بهم في الدنيا ، فيقفون ويصيحون حتى تبحّ أصواتهم ولكن دون جدوى.
(فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً)