قرارا نابعا من فكره وإرادته ذلك لان العقل في نظره ليس الا صورة متطورة للمادة.
لقد قسم الأطباء قديما الناس حسب أمزجتهم ، فهذا مزاجه صفراوي ، وذاك بلغمي والآخر سوداوي وهكذا فزعموا ان ارادة الناس تتبع أمزجتهم اما أحد الفلاسفة الجدد فانه يقول : بان ارادة الإنسان نابعة من الغدة الدرقية ، فاذا صار أحدهم طبيبا والآخر عاملا بسيطا فان ذلك يعود الى مقدار ونوع افرازات الغدة الدرقية في دم الإنسان ، حيث تؤثر هذه الغدة في قراراته.
ويقول الفيلسوف البريطاني المعروف (براندراسل) : انك انما تتبع بما تأكل ، لان العناصر الكيمياوية الموجود في أنواع الاغذية ، تؤثر في مخ الإنسان وقراراته وهكذا سلبت هذه النظريات الشّركية قدرة القرار من البشر وإذا كان الإنسان لا يستطيع ان يقرر لنفسه قرارا ، فهو بمنزلة ريشة في مهب الريح ، لا يستطيع ان يتحمل مسئولية ، إذا فهو غير مسئول عن شيء.
اما الفكر اليوناني القديم فانه يعتقد بتعدد الآلهة ، فللحرب اله وللسلم اله ، وللمطر اله وللنور اله وللظلمة اله وهكذا .. وكان اليونانيون ينحتون أصناما ويتخذونها رمزا لتلك القوى التي كانوا يتصورون بان لها تأثيرا حتميا على أعمالهم ونفسياتهم وهكذا جردوا أنفسهم عن مسئولية أعمالهم حين نسبوها الى الآلهة وهكذا تربط آيات هذا الدرس بين المسؤولية والتوحيد فتبدأ بالنهي عن أكل مال اليتيم (اشارة الى حرمة المال) وتأمر بالوفاء بالعهد (للتذكرة باحترام العهد) وتأمر باحترام المال ، واحترام سمعة الناس وتحرّي الحقائق ، ثم تنهى عن الشّرك بالله وتأمر بتسبيح الله سبحانه ، ولعل محرمات هذا الدرس تسدّ أبواب الظلم ، وتضع قوانين اجتماعية تحافظ على حقوق الناس ، ابتدءا من حفظ حقوق الأيتام (وهم حلقة ضعيفة في المجتمع) واحترام الكيل والوزن واحترام سمعة الناس ، وضرورة الوفاء بالعهود وما أشبه.