١٩٦ ـ فوا عجبا حتّى كليب تسبّني |
|
كأنّ أباها نهشل أو مجاشع |
ولا بدّ من تقدير محذوف قبل «حتى» في هذا البيت يكون ما بعد «حتّى» غاية له ، أي : فوا عجبا يسبّني الناس حتى كليب تسبّني ؛ وعلى الفعليّة التي فعلها مضارع كقراءة نافع رحمهالله : (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ) [البقرة : ٢١٤] برفع «يقول» ، وكقول حسّان [من الكامل] :
١٩٧ ـ يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم |
|
لا يسألون عن السّواد المقبل |
______________________________________________________
(فوا عجبا حتى كليب تسبني |
|
كأن أباها نهشل أو مجاشع) (١) |
وا عجبا من قبيل الندبة للتوجع ، كأنه يقول : أنا أتوجع لعدم حضورك فاحضر لهذا الأمر الذي يتعجب منه ، كليب على التصغير قبيلة ونهشل بنون وشين معجمة وزن جعفر ، ومجاشع كمجاهد بجيم وشين معجمة وعين مهملة اسما رجلين ، (ولا بد من تقدير محذوف قبل حتى في هذا البيت يكون ما بعد حتى غاية له ، أي : فوا عجبا تسبني الناس حتى كليب تسبني) قال الرضي : ويلزم في الاسمية الواقعة بعد حتى أن يكون خبر المبتدأ فيها من جنس الفعل المتقدم نحو ركب القوم حتى الأمير راكب ، ولو قلت : حتى الأمير ضاحك لم يفد ، وهذا يتأتى له في بيت الفرزدق ، وأما في بيت جرير المتقدم وفي قول امرىء القيس :
سريت بهم حتى تكلم مطيهم |
|
وحتى الجياد ما يقدن بأرسان (٢) |
ففيه نظر ، (وعلى الفعلية التي فعلها مضارع كقراءة نافع رحمهالله تعالى) وزلزلوا (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ) برفع يقول ، (وكقول حسان :
يغشون حتى ما تهر كلابهم |
|
لا يسألون عن السواد المقبل) (٣) |
يغشون يجاء إليهم ، وهرير الكلب صوته دون نباحه من قلة صبره على البرد ، كذا في «الصحاح» و «القاموس» ، والمعنى أن الكلاب تسأم وتذهل لكثرة الأضياف واتصال مددهم فلا تهر ، ويحتمل أن الكلاب إنما تترك الهرير ؛ لاشتغالها بما ينحر للأضياف ومشاركتها لهم ،
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ١ / ٤١٩ ، وخزانة الأدب ٥ / ٤١٤ ، وبلا نسبة في رصف المباني ص ١٨١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢٤.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) البيت من البحر الكامل ، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص ١٢٣ ، وخزانة الأدب ٢ / ٤١٢ ، والدرر ٤ / ٧٦.