وعلى الفعليّة التي فعلها ماض ، نحو : (حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا) [الأعراف : ٩٥]. وزعم ابن مالك أن «حتّى» هذه جارّة ، وأنّ بعدها «أن» مضمرة ، ولا أعرف له في ذلك سلفا ، وفيه تكلّف إضمار من غير ضرورة ؛ وكذا قال في «حتى» الداخلة على «إذا» في نحو : (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ) [آل عمران : ١٥٢] إنها الجارّة ، وإن «إذا» في موضع جرّ بها. وهذه المقالة سبقه إليها الأخفش وغيره ، والجمهور على خلافها وأنها حرف ابتداء ، وأن «إذا» في موضع نصب بشرطها أو جوابها ، الجواب في الآية محذوف ، أي : امتحنتم ، أو انقسمتم
______________________________________________________
والسواد الشخص أي : يعطون من يأتي ولا يسألون من هو ، (وعلى الفعلية التي فعلها ماض نحو) قوله تعالى : (ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ) [الأعراف : ٩٥] أي : أعطيناهم بدل ما كانوا فيه من البلاء ، والمحنة ، الرخاء والسعة والصحة ، (حتى عفوا) أي : كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم من قولهم : عفا النبات إذا كثر ، ومنه قوله عليه الصلاة والسّلام «وأعفوا اللحى» (١) ، (وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ) [الأعراف : ٩٥] أي : قالوا : هذه عادة الدهر في تقلب أحواله واختلافها كما وقع لآبائنا ، وما ذلك بعقوبة ذنب ، (وزعم ابن مالك أن حتى هذه جارة ، وأن بعدها أن مضمرة) والمعنى إلى أن عفوا ، وقالوا : (ولا أعرف له في ذلك سلفا) ، وقال أبو حيان : وهم ابن مالك في ذلك ؛ لأن حتى ابتدائية وأن مضمرة بعدها ، (وفيه تكلف إضمار من غير ضرورة) يعني أن حتى الابتدائية تدخل على الفعلية كما تدخل على الاسمية ، فجعلها جارة يستدعي إضمارا لم تدع إليه ضرورة ، وإن كان إضمار أن بعد حتى سائغا شائعا لكن حيث تدعو إليه ضرورة بأن يقع المضارع بعدها منصوبا ، (وكذا قال) ابن مالك (في) حتى (الداخلة على إذا في نحو : (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ) [آل عمران : ١٥٢]) أي : جبنتم وهبتم الإقدام (وَتَنازَعْتُمْ) في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون ، (إنها الجارة وإنها في موضع جر بها) فلا تكون حينئذ ظرفا ، بل تكون اسما للوقت مجرورا بحتى متعلقة بالفعل من قوله : إذ تحسونهم بإذنه ، والحس القتل والمعنى إذ تقتلونهم بإذن الله إلى وقت فشلكم وتنازعكم ، (وهذه المقالة) الأخيرة وهي جعل إذا في محل جر بحتى (سبقه إليها الأخفش وغيره ، والجمهور على خلافها وأنها) أي : حتى (حرف ابتداء وإذا في موضع نصب بشرطها) عند المحققين أو (جوابها) عند الأكثرين على ما مر محررا مقررا في الكلام على إذا ، (والجواب في الآية محذوف أي : امتحنتم) أي : اختبرتم ، (أو انقسمتم
__________________
(١) أخرجه البخاري ، كتاب اللباس ، باب إعفاء اللحى .. (٥٨٩٣) ، ومسلم ، كتاب الطهارة ، باب خصال الفطرة ، (٢٥٩) ، والترمذي ، كتاب الأدب عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، باب ما جاء في إعفاء اللحية (٢٧٦٣) ، وأحمد (٤٦٤٠).