وهو ظرف لا يتصرّف ؛ فلذلك غلّط من أعربه مفعولا لـ «رأيت» في قوله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ) [الإنسان : ٢٠] ، ولا يتقدّمه حرف التنبيه ولا يتأخّر عنه كاف الخطاب.
ـ حرف الجيم ـ
* (جَيْرَ) بالكسر على أصل التقاء الساكنين كـ «أمس» ، وبالفتح للتّخفيف كـ «أين» و «كيف» ـ حرف جواب بمعنى «نعم» ، لا اسم بمعنى : «حقّا» فتكون مصدرا ، ولا بمعنى «أبدا» فتكون ظرفا ، وإلّا
______________________________________________________
المنزلة باعتبار شرفه (وهو ظرف) مكان (لا يتصرف) أي : لا يستعمل غير ظرف ولا يجر بغير من (فلذلك غلط) بالبناء للفاعل واللام خفيفة مكسورة ، أو للمفعول وهي شديدة مكسورة (من أعربه مفعولا لرأيت) أي : مفعولا به ، إنما ترك التقييد بقوله به ؛ لأنه شاع عندهم إرادة المفعول به عند عدم التقييد (في قوله تعالى : وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ) (رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) [الإنسان : ٢] ، ووجه الغلط أو التغليط أن في جعله مفعولا به إخراجا له عما وضع عليه من ملازمة الظرفية ، وإنما هو ظرف والمعنى : وإذا رأيت في الجنة ، وليس لرأيت مفعول به ظاهر ولا مقدر ليشيع في كل مرئي ، والتقدير : وإذا وقعت رؤيتك في الجنة ورأيت نعيما وملكا كبيرا (ولا يتقدمه حرف التنبيه) فلا يقال هائم إجراء له في المنع مجرى ذلك المقرون باللام ؛ لأنه بمثابته في البعد ، (ولا يتأخر عنه كاف الخطاب) فلا يقال : ثمك كما يقال : ذاك ؛ لأن ثم تدل على البعد بذاتها فلا حاجة إلى داخل ما يفيده فيها والله تعالى أعلم.
(حرف الجيم)
(جير بالكسر على أصل التقاء الساكنين كأمس) قالوا : وإنما كان الأصل أن يحرك بالكسر ؛ لأن الجزم في الأفعال عوض الجر في الأسماء ، وأصل الجزم السكون فلما ثبت بينهما التعارض وامتنع السكون في بعض المواضع جعلوا الكسر عوضا منه ، فإن جر بغير الكسر فلذلك لعارض ، (وبالفتح للتخفيف كأين وكيف) ، قال ابن قاسم : والكسر أشهر فيها (حرف جواب بمعنى نعم) فيكون تصديقا للمخبر وإعلاما للمستخبر ووعدا للطالب (لا اسم بمعنى حقا فتكون مصدرا) ، قال ابن مالك : وذلك لأن كل موضع وقعت فيه جير يصلح أن تقع فيه نعم ، وليس كل موضع وقعت فيه جير يصلح أن تقع فيه حقا فإلحاقها بنعم أولى ، وأيضا فإن لها شبها بنعم لفظا واستعمالا ، ولذلك بنيت قلت : وفيه نظر ، فإن المشابهة اللفظية بينها وبين نعم منتفية ، ورعاية الشبه باعتبار كون كل منهما ثلاثي الحروف أمر لا يلتفت إليه ، ثم إنه معترف بأنها حرف فكيف يتطلب سبب بنأيها ، (ولا) اسم بمعنى (أبدا فتكون ظرفا) زمانيا (وإلا) تكن حرفا بل كانت اسما