وهو حسن ، وردّه أبو حيان ، وقال في المثال : هي جارة ، إذ لا يشترط في تالي الجارّة أن يكون بعضا أو كبعض ، بخلاف العاطفة ، ولهذا منعوا : «أعجبتني الجارية حتى ولدها» قال : وهي في البيت محتملة ، انتهى.
وأقول : إن شرط الجارة التالية ما يفهم الجمع أن يكون مجرورها بعضا أو كبعض ، وقد ذكر ذلك ابن مالك في باب حروف الجر ، وأقرّه أبو حيان عليه. ولا يلزم من امتناع «أعجبتني الجارية حتى ابنها» امتناع «عجبت من القوم حتى بنيهم» ، لأن اسم القوم يشمل أبناءهم ، واسم الجارية لا يشمل ابنها. ويظهر لي أن الذي لحظه ابن مالك أن الموضع الذي يصحّ أن تحلّ فيه «إلى» محلّ «حتى» العاطفة فهي فيه محتملة للجارّة ، فيحتاج حينئذ إلى إعادة الجارّ عند قصد العطف ، نحو : «اعتكفت في الشّهر حتى في آخره»
______________________________________________________
إلى لا تحل محلها فيهما (وهو حسن ، ورده أبو حيان وقال في المثال) وهو عجبت من القوم حتى بنيهم (: هي جارة ؛ إذ لا يشترط في تالي الجارة أن يكون بعضا أو كبعض) حتى يمتنع في المثال كونها جارة ؛ إذ بنو القوم ليسوا بعضهم ولا كبعضهم ، وإذا لم يكن هذا شرطا فلا مانع من جعلها في المثال جارة (بخلاف العاطفة ، ولهذا منعوا أعجبتني الجارية حتى ولدها ، قال : وهي في البيت محتملة) ؛ لأن تكون جارة أو عاطفة فإن البائس بعض الخلق ، ومع الاحتمال لا ينتهض الدليل (اه) كلام ابن حيان ، (وأقول : إن شرط الجارة التالية ما يفهم الجمع أن يكون مجرورها بعضا أو كبعض) ، فلا يصح إطلاق أبي حيان القول بأنه لا يشترط في تالي الجارة أن يكون بعضا أو كبعض ، بل ذلك مقيد بما إذا لم يكن ما قبلها مفهما للجمع ، وأما إذا كان مفهما فلا بد من اشتراطه ، قلت : وإذا كان هذا شرطا فلم أهمله المصنف في ذكر ما يشترط في حتى الجارة ، (وقد ذكر ابن مالك ذلك في حروف الجر ، وأقره أبو حيان عليه) فما باله خالف ذلك هنا (ولا يلزم من امتناع أعجبتني الجارية حتى ابنها امتناع عجبت من القوم حتى بنيهم ؛ لأن اسم القوم يشمل أبناءهم ، واسم الجارية لا يشمل ابنها) ولأبي حيان أن يقول : إنما يشمل القوم الأبناء إذا لم تقم قرينة على خلاف ذلك ، والقرينة هنا قائمة وهي إضافة البنين إلى ضمير القوم ، فعلم أن المراد من القوم غير بنيهم وإلا لم تصح الإضافة ، وحينئذ يستوي المثالان في أن تالي حتى فيهما ليس بعضا مما قبلها ، لكنه في مثال الجارية علم من جهة الوضع وفي مثال القوم علم من جهة القرينة ، (ويظهر لي أن الذي لحظه ابن مالك أن الموضع الذي يصح أن تحل فيه إلى محل حتى العاطفة فيه محتملة للجارة ، فيحتاج حينئذ) أي : حين إذ يقع الاحتمال بسبب ذلك (إلى إعادة الجار عند قصد العطف) ؛ ليتعين المراد ، ويرتفع الاحتمال (نحو : اعتكفت في الشهر حتى في آخره) ، فإنك لو قلت : حتى آخره بدون إعادة في احتمل أن تكون عاطفة ، وأن تكون