١٩٣ ـ سريت بهم حتّى تكلّ مطيّهم |
|
وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان |
فيمن رفع «تكل» أن جملة «تكل مطيهم» معطوفة بـ «حتى» على «سريت بهم».
الثالث : أنها إذا عطفت على مجرور أعيد الخافض ، فرقا بينها وبين الجارّة ، فتقول : «مررت بالقوم حتى بزيد». ذكر ذلك ابن الخبّاز وأطلقه ، وقيّده ابن مالك بأن لا يتعيّن كونها للعطف ، نحو «عجبت من القوم حتّى بنيهم» ، وقوله [من الخفيف] :
١٩٤ ـ جود يمناك فاض في الخلق حتّى |
|
بائس دان بالإساءة دينا |
______________________________________________________
سريت بهم حتى تكل مطيهم |
|
وحتى الجياد ما يقدن بأرسان (١) |
فيمن رفع تكل أن جملة تكل مطيهم معطوفة بحتى على سريت) والسري هو السير ليلا ، وتكل بفتح حرف المضارعة وكسر الكاف تعيا وتتعب ، والمطي جمع المطية وهي الدابة تمطو في سيرها أي : تمتد والجياد جمع جواد وهو الفرس الجيد الرابع ، وتقدن تمسكن بمقاودها لتسير ولا تركب ، والأرسان جمع رسن وهو الحبل يقول : سار بهؤلاء القوم ليلا إلى أن تعبت مطاياهم وصارت الخيل لا يمسك بأرسانها ، بل تسير بنفسها من غير قائد وهو كناية عن شدة تعبها.
الفرق (الثالث أنها إذا عطفت على مجرور أعيد الخافض) سواء كان المجرور مظهرا أو مضمرا ، وبهذا يحصل الفرق ، وإلا فالواو إذا عطفت على مجرور مضمر أعيد الخافض على الصحيح (فرقا بينها) أي : بين حتى العاطفة ، (وبين الجارة فتقول : مررت بالقوم حتى بزيد ، ذكر ذلك ابن الخباز وأطلقه) فلم يفرق بين كونها متعينة للعطف وغير متعينة له ، (وقيده ابن مالك بأن لا يتعين كونها للعطف ، نحو : عجبت من القوم حتى بنيهم) نحو (قوله :
جود يمناك فاض في الخلق حتى |
|
بائس دان بالإساءة دينا) (٢) |
البائس الذي أصابه بؤس أي : شدة ، ودان بالإساءة أي : تعبد بها بمعنى أنه اتخذها طريقا وعادة يلزمها كالدين الذي يتعبد به الإنسان ، والمعنى أن جوده عم من أساء ومن لم يسىء ، فحتى في المثال والبيت متعينة للعطف ، ولا يصلح أن تكون جارة لما سيذكر المصنف من أن
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ٩٣ ، والدرر ٦ / ١٤١ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٦٧ ، وجواهر الأدب ص ٤٠٤.
(٢) البيت من البحر الخفيف ، وهو بلا نسبة في الدرر ٦ / ١٤٢ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٧.