أو جزءا من كل ، نحو : «أكلت السّمكة حتّى رأسها» ، أو كجزء ، نحو : «أعجبتني الجارية حتّى حديثها» ، ويمتنع أن تقول : «حتّى ولدها» ؛ والذي يضبط لك ذلك أنها تدخل حيث يصحّ دخول الاستثناء ، وتمنع حيث يمتنع ؛ ولهذا لا يجوز : «ضربت الرجلين حتى أفضلهما» وإنما جاز :
* حتّى نعله ألقاها*
لأن إلقاء الصحيفة والزاد في معنى ألقى ما يثقله.
والثالث أن يكون غاية لما قبلها إما في زيادة أو نقص ، فالأول ، نحو : «مات الناس حتى الأنبياء» ،
______________________________________________________
حينئذ جزءا لا جزئيا ، (أو جزءا من كل نحو أكلت السمكة حتى رأسها ، أو كجزء نحو أعجبتني الجارية حتى حديثها) ، فإن حديثها ليس بجزء منها لكنه بمنزلة الجزء ، (ويمتنع أن تقول :) أعجبتني الجارية (حتى ولدها) ؛ لأنه ليس جزء منها ولا بمنزلة الجزء (والذي يضبط لك ذلك أنها تدخل حيث يصح دخول الاستثناء ، ويمتنع) أي : ويمتنع دخول حتى حيث يمتنع دخول الاستثناء والمراد المتصل ، ولا خفاء في صحة قولك : أعجبتني الجارية إلا حديثها مع الاتصال تنزيلا لحديثها منزلة بعضها ، ولا في امتناع أعجبتني الجارية إلا ولدها على إرادة الاتصال ، (ولهذا) الضبط الذي ذكرناه من اعتبار ذلك الاستثناء (لا يجوز ضربت الرجلين حتى أفضلهما) ؛ لأنه لا يصح أن تقول : ضربت الرجلين إلا أفضلهما ؛ لأنه إخراج لما دخل أولا بطريق النص لا بطريق الظهور ، كما لا يصح ضربت زيدا وعمرا إلا زيدا هكذا قيل ، ويرد عليه الاستثناء من أسماء العدد ، ولما كان هنا مظنة سؤال وهو أن يقال يلزم على هذا امتناع العطف في قول الشاعر :
ألقى الصحيفة كي يخفف رحله |
|
والزاد حتى نعله ألقاها (١) |
إذ الاستثناء المتصل فيه ممتنع ؛ لعدم شمول الصحيفة والزاد للنعل ، وقد أجازوه فدل على عدم اعتبار هذا الضابط ، أجاب المصنف عنه بقوله : (وإنما جاز حتى نعله ألقاها ، لأن ألقى الصحيفة والزاد في معنى ألقى ما يثقله) كما أسلفناه ، وباعتبار هذا التأويل يصح الاستثناء ، فلا يختل الضابط.
والشرط (الثالث أن يكون) معطوف حتى (غاية لما قبلها إما في زيادة أو نقص.
فالأولى نحو : مات الناس حتى الأنبياء) ، إذ هم صلوات الله وسلامه عليهم أرفع الناس منزلة ، وأقواهم شرفا.
__________________
(١) تقدم تخريجه.