وإنما الاتفاق في «حتى» العاطفة ، لا الخافضة ، والفرق أن العاطفة بمعنى الواو.
والثالث : أن كلّا منهما قد ينفرد بمحلّ لا يصلح للآخر.
فممّا انفردت به «إلى» أنه يجوز : «كتبت إلى زيد وأنا إلى عمرو» ، أي : هو غايتي ، كما جاء في الحديث : «أنا بك وإليك» ، و «سرت من البصرة إلى الكوفة» ؛ ولا يجوز : حتى زيد وحتى عمرو ، وحتى الكوفة ، أمّا الأوّلان فلأنّ «حتى» موضوعة لإفادة تقضّي الفعل قبلها شيئا فشيئا إلى الغاية ، و «إلى» ليست كذلك. وأما الثالث فلضعف «حتى» في الغاية ؛ فلم يقابلوا بها ابتداء الغاية.
______________________________________________________
وإليه كان يميل أبو النصر الصفار والبزدوي ، ولكنه لا يستقيم على الإطلاق بل إن كان ما بعد حتى بعضا لما قبلها دخل ، نحو : رآني أشراف البلدة حتى الأمير ، وإلا فلا نحو : قرأت الليلة حتى الصباح ، (وإنما الاتفاق في حتى العاطفة لا الخافضة ، والفرق بينهما أن العاطفة بمنزلة الواو) فتعين دخول ما بعدها فيما قبلها ، ولا يتأتى بخروجه.
(والثالث) من الأمور الثلاثة التي تخالف حتى إلى فيها (أن كلا منهما قد ينفرد بمحل لا يصلح للآخر ، فما انفردت به إلى أنه يجوز كتبت إلى زيد وأنا إلى عمرو أي : هو غايتي كما جاء في الحديث «أنا بك وإليك» (١) وسرت من البصرة إلى الكوفة ، ولا يجوز حتى زيد) في المثال الأول فلا تقول : كتبت حتى زيد ، (وحتى عمرو) في المثال الثاني فلا تقول حتى عمرو ، (وحتى الكوفة) في المثال الثالث فلا تقول : سرت من البصرة حتى الكوفة (أما الأولان) وهما امتناع كتبت حتى زيد ، وأنا حتى عمرو ؛ (فلأن حتى موضوعة لإفادة تقضي الفعل قبلها شيئا فشيئا إلى الغاية) وليس ما قبل حتى في ذينك المثالين مقصودا به التقضي شيئا فشيئا ، فلا وجه لدخولها ثم (وإلى ليست كذلك) فجاز دخولها فيها ؛ لانتفاء المانع.
(وأما الثالث) وهو امتناع سرت من البصرة حتى الكوفة (فلضعف حتى في الغاية ، فلم يقابلوا بها ابتداء الغاية) ، وهذا معنى ما نقله صاحب «الكشف» عن كتاب «بيان حقائق الحروف» من أن إلى لانتهاء الابتداء فيما تدل عليه ، على نقيض من يقول : خرجت من البصرة إلى الكوفة ، فمن لابتداء الغاية وإلى لانتهاء الغاية ، ولا يجوز أن تستعمل حتى في مقابلة من ، لا يقال : خرجت من البصرة حتى الكوفة ؛ وذلك لأن إلى أصل في الغاية لا تخرج عن معناه إلى معنى آخر ، وحتى ضعيفة في معنى الغاية فإنها تخرج إلى غيرها من المعاني.
__________________
(١) أخرجه مسلم ، كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (٧٧١) ، والترمذي ، كتاب الدعوات عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، باب منه (٣٤٢٢) ، والنسائي ، كتاب الافتتاح ، باب نوع آخر من الذكر والدعاء (٨٩٧).