ومما انفردت به «حتى» أنه يجوز وقوع المضارع المنصوب بعدها ، نحو : «سرت حتّى أدخلها» ، وذلك بتقدير : حتى أن أدخلها ، و «أن» المضمرة والفعل في تأويل مصدر مخفوض بـ «حتى» ، ولا يجوز : «سرت إلى أدخلها» ، وإنما قلنا : إن النصب بعد «حتى» بـ «أن» مضمرة لا بنفسها ، كما يقول الكوفيّون ، لأن «حتى» قد ثبت أنها تخفض الأسماء ، وما يعمل في الأسماء لا يعمل في الأفعال ، وكذا العكس.
ول «حتى» الداخلة على المضارع المنصوب ثلاثة معان : مرادفة «إلى» ، نحو : (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى [طه : ٩١] ،
______________________________________________________
(ومما انفردت به حتى أنه يجوز وقوع المضارع المنصوب بعدها ، نحو : سرت حتى أدخلها وذلك بتقدير حتى أن أدخلها ، وأن المضمرة والفعل في تأويل مصدر مخفوض بحتى ، ولا يجوز سرت إلى أدخلها) بنصب الفعل بإضمار أن بعد إلى ، ولم أتحرر العلة في ذلك ، (وإنما قلنا : إن النصب بعد حتى بأن مضمرة بعد حتى لا بنفس حتى كما يقول الكوفيون ؛ لأن حتى قد ثبت أنها تخفض الأسماء وما يعمل في الأسماء لا يعمل في الأفعال ، وكذا العكس) ، وهذا لا يتوجه اعتراضا على جميع الكوفيين ، فالكسائي منهم يقول : إن حتى في لسان العرب ليست حرف جر وإن الجر الذي بعدها في نحو : (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر : ٥] بتقدير حرف الجر أي : حتى انتهى إلى مطلع الفجر ، فلا يرد عليه الاعتراض بأن عامل الاسم لا يعمل في الفعل ، كما يرد على غيره من الكوفيين ، نعم يرد عليه أنها غير مختصة بقبيل فكيف نصبت الفعل؟ ويرد أيضا عليه أن حذف الجار وإبقاء عمله في غاية القلة ، فكيف اطرد بعد حتى ، وأيضا كيف اطرد حذف الفعل بعدها مع انجرار الاسم كذا قال الرضي ، فإن قلت : هذه الكلية التي ساقها المصنف ، وهو أن ما يعمل في الأسماء لا يعمل في الأفعال وكذا العكس يشكل ، بمثل قولك : أي رجل تضرب أضرب بالجزم ، فإن أيا فيه شرطية وقد عملت الجزم في الفعل والخفض في الاسم المضاف إليه على الصحيح ، في أن عامل المضاف إليه هو المضاف ، ويشكل أيضا بكي ، فإنها جارة وناصبة ، قلت : إنما جزمت أي من جهة تضمنها ؛ لأن الشرطية ، وجرها ليس من هذه الجهة ، وكي الجارة للتعليل والناصبة مصدرية كأن فلم يقع جرها ونصبها من جهة واحدة ، ومقصود الجماعة أن عامل أحد القبيلين لا يعمل في الآخر من تلك الجهة التي عمل بها في ذلك القبيل ، نعم ، تنتقض هذه القاعدة على الكوفيين إن قالوا بها باللام الزائدة ؛ فإنها تعمل الجر في الاسم إجماعا ، وتعمل عندهم النصب في مثل : ما كان زيد ليفعل ، وهي للتأكيد في كل من الحالين.
(ولحتى الداخلة على المضارع المنصوب ثلاثة معان مرادفة إلى نحو) (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى أي : قالوا : لن نزال مقيمين على العجل وعبادته إلى أن يرجع إلينا