١٨٨ ـ ألقى الصّحيفة كي يخفّف رحله |
|
والزّاد ، حتّى نعله ألقاها |
أو عدم دخوله كما في قوله [من البسيط] :
١٨٩ ـ سقى الحيا الأرض حتّى أمكن عزت |
|
لهم ، فلا زال عنها الخير مجدودا |
حمل على الدخول ، ويحكم في مثل ذلك لما بعد «إلى» بعدم الدخول ، حملا على الغالب في البابين ، هذا هو الصحيح في البابين ، وزعم الشيخ شهاب الدين القرافي أنه لا خلاف في وجوب دخول «ما» بعد «حتى» ، وليس كذلك ، بل الخلاف فيها مشهور ،
______________________________________________________
ألقى الصحيفة كي يخفف رحله |
|
والزاد حتى نعله ألقاها) (١) |
فإن القرينة هنا وهي ألقاها تقتضي دخول النعل في الملقى ، فإن قلت : الذي أخبر أولا أن ألقاه هو الصحيفة ، والزاد والنعل مقطوع بعدم دخولها في شيء منهما ، قلت : يؤول ذلك بالمثقل كما يجيء ، فدخل فكأنه قال ألقى ما يثقله حتى نعله ، (أو عدم دخوله كما في قوله :
سقى الحيا الأرض حتى أمكن عزيت |
|
لهم فلا زال عنها الخير مجدودا) (٢) |
الحيا بالقصر المطر ويمد كذا في «القاموس» ، وعزيت نسبت ومجدودا بجيم ودالين مهملتين أو معجمتين ، أي : مقطوعا ، ولا أعلم الرواية في البيت هل هي بالإهمال أو بالإعجاز ، وقرينة دعائه على أمكنتهم بدوام قطع الخير عنها يقتضي عدم دخولها في الأرض المدعو لها بالسقيا (حمل على الدخول) ، هذا جواب إذا من قوله : إذا لم تكن معها قرينة ، ويحكم (في مثل ذلك) حيث لا تكون قرينة تقتضي الدخول ولا قرينة تقتضي عدمه (لما بعد إلى بعدم الدخول) ، على العكس من حتى (حملا على الغالب في البابين) باب حتى وباب إلى ، (هذا هو الصحيح في البابين) ولم يقل فيهما قصدا لزيادة التقرير والتثبيت في النفس ، حتى يكون مستحضرا لا يزول عن البال ، لا سيما وقد وقع في إنكار الخلاف فيما نحن فيه بعض العلماء.
(وزعم الشيخ شهاب الدين القرافي : أنه لا خلاف في وجوب دخول ما بعد حتى ، وليس كذلك بل الخلاف فيها مشهور) ، ومن الناس من يقول : إن مذهب أكثر النحاة أن ما بعد حتى ليس بداخل فيما قبلها كما في إلى نقله صاحب «الكشف» من الحنفية ، وذكر أنه قول ابن جني
__________________
(١) البيت من البحر الكامل ، وهو للمتلمس في ملحق ديوانه ص ٣٢٧ ، ولأبي (أو لابن) مروان في خزانة الأدب ٣ / ٢١ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٦٩. اه. انظر : المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية ٨ / ٢٨٠.
(٢) البيت من البحر البسيط ، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٢٨٩.