«أكلت السّمكة حتّى رأسها» ، أو ملاقيا لآخر جزء ، نحو : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (٥) [القدر : ٥]. ولا يجوز : «سرت البارحة حتّى ثلثيها أو نصفها» ، كذا قال المغاربة وغيرهم. وتوهّم ابن مالك أن ذلك لم يقل به إلا الزّمخشري ، واعترض عليه بقوله [من الخفيف] :
١٨٧ ـ عيّنت ليلة ، فما زلت حتّى |
|
نصفها راجيا ، فعدت يؤوسا |
وهذا ليس محلّ الاشتراط ؛ إذ لم يقل : فما زلت في تلك الليلة حتى نصفها ، وإن كان المعنى عليه ، ولكنّه لم يصرح به.
الثاني : أنها إذا لم يكن معها قرينة تقتضي دخول ما بعدها كما في قوله [من الكامل]:
______________________________________________________
أكلت السمكة حتى رأسها بالجر) فإن الرأس هو جزؤها الأخير بحسب الخلقة ، ابتداء من ذنبها (أو ملاقيا لآخر جزء نحو (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (٥) [القدر : ٥]) فإن مطلع الفجر ليس جزءا أخيرا من الليلة وإنما هو ملاق لآخر جزء منها ، (ولا يجوز سرت البارحة حتى ثلثيها) وفي بعض النسخ ثلثها بالإفراد ، (أو نصفها) فإن الثلثين أو الثلث أو النصف ليس جزءا أخيرا من الليلة ولا ملاقيا لآخر جزء منها ، والبارحة أقرب ليلة مضت ، (كذا قاله المغاربة وغيرهم) والسيرافي وجماعة أوجبوا كون مجرورها آخر جزء مما قبلها ، فلم يحوزوا نمت البارحة حتى الصباح ، كذا نقله الرضي قلت : وآية الفجر مستند عتيد في الرد عليهم ، (وتوهم ابن مالك أن ذلك) الذي قال به المغاربة وغيرهم ، من أن مجرورها لا بد أن يكون آخر جزء أو ملاقيا له (لم يقل به إلا الزمخشري ، واعترض عليه بقوله :
عينت ليلة فما زلت حتى |
|
نصفها راجيا فعدت يؤوسا) (١) |
فإن النصف ليس آخر جزء من الليلة ولا ملاقيا لآخر جزء ، (وهذا ليس محل الاشتراط إذ لم يقل : فما زلت في تلك الليلة حتى نصفها ، وإن كان المعنى عليه ولكنه لم يصرح به) ، وهذا كما تراه جمود على الظاهر ، وإذا كانت الليلة مرادة قطعا كانت في حكم الملفوظ بها ، ولا أثر لخصوص النطق بها في ذلك فإذن يكون اعتراض ابن مالك موجها.
(الثاني) من الأمور الثلاثة التي تخالف حتى إلى فيها (أنها) أي : أن حتى (إذا لم يكن معها قرينة تقتضي دخول ما بعدها) في ما قبلها (كما في قوله :
__________________
(١) البيت من البحر الخفيف ، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص ٥٤٤ ، والدرر ٤ / ١٠٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢٣.