أحدها : أن تكون ظرفا ، وهو الغالب ، نحو : (فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [التوبة : ٤٠].
والثاني : أن تكون مفعولا به ، نحو : (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) [الأعراف : ٨٦].
والغالب على المذكورة في أوائل القصص في التنزيل أن تكون مفعولا به ، بتقدير «اذكر» ، نحو : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ) [البقرة : ٣٠] وغيرها ، (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ) [البقرة : ٣٤] وغيرها ، (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ) [البقرة : ٥٠]. وبعض المعربين يقول في ذلك : إنه ظرف لـ «اذكر» محذوفا ، وهذا وهم فاحش ، لاقتضائه حينئذ الأمر بالذكر في ذلك الوقت ، مع أن الأمر للاستقبال ، وذلك الوقت قد مضى قبل تعلّق الخطاب بالمكلّفين منّا ، وإنما المراد ذكر الوقت نفسه لا الذكر فيه.
______________________________________________________
ويرجح نسخة الأربعة بالتاء قوله في التفصيل أحدها والثاني والثالث والرابع ، فذكر الكل ويحتمل أن يكون أنث وذكر باعتبارين.
(أحدها أن تكون ظرفا نحو) (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [التوبة : ٤٠] وأسند الإخراج إلى الكفار ؛ لأنهم حين هموا بإخراجه أذن الله له في الخروج فكأنهم أخرجوه.
(والثاني) من الاستعمالات الأربعة (أن تكون مفعولا به نحو : (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) [الأعراف : ٨٦]) أي : واذكروا نفس هذا الوقت (والغالب على المذكور في أوائل القصص) بكسر القاف جمع قصة (في التنزيل أن تكون مفعولا به بتقدير اذكر نحو : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) [البقرة : ٣٠]) ، وجوز الزمخشري هذا الوجه ، وهو أن تكون منصوبة باذكر ووجها آخر ، وهو أن تكون منصوبة بقالوا وعليه فتكون ظرفا ، فيكون التقدير : وقالت الملائكة : إذ قال ربك لهم : إني جاعل في الأرض خليفة : أتجعل فيها ، وأورد على الوجه الأول أن فيه حذف فعل من غير قرينة ، فلا يجوز ، وأجيب بأن كثرة وروده في القرآن منصوبا به يكفى قرينة ، لا سيما والظرف محل التوسع ، واستئناف القصة قرينة بينة لتقدير مضمر مناسب ، قلت : إذا لم يكن منصوبا باذكر لم يكن ظرفا كما عرفت ، فلا معنى لقول المجيب هنا لا سيما والظرف محل التوسع ، (نحو (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ) [البقرة : ٥٠] وبعض المعربين يقول في ذلك : إنه ظرف لاذكر محذوفا وهذا وهم) بفتح الهاء أي غلط (فاحش ؛ لاقتضائه حينئذ) أي حين إذ جعل ظرفا لاذكر ، (الأمر بالذكر في ذلك الوقت مع أن الأمر للاستقبال ، وذلك الوقت قد مضى قبل تعلق الخطاب بالمكلفين منا) فكيف يكون المستقبل واقعا في الزمن الماضي ، (وإنما المراد ذكر الوقت نفسه لا الذكر فيه) فتكون إذ