نحو : (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) [النور : ٢٢] ، (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) [التوبة : ١٣] ؛ ومنه عند الخليل قوله [من الوافر] :
١٠٣ ـ ألا رجلا جزاه الله خيرا |
|
يدلّ على محصّلة تبيت |
والتقدير عنده «ألا ترونني رجلا هذه صفته» ، فحذف الفعل مدلولا عليه بالمعنى ؛ وزعم بعضهم أنه محذوف على شريطة التفسير ، أي : ألا جزى الله
______________________________________________________
للطلب ومضمون الفعلية أمر حادث متجدد فيتعلق الطلب به ، بخلاف الاسمية ؛ لأنها للثبوت وعدم الحدوث (نحو (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) [النور : ٢٢]) ، ونحو (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) [التوبة : ١٣] ، وكأن الآية الأولى مثال للعرض ، والثانية مثال للتحضيض ، (ومنه عند الخليل) قول الشاعر :
(ألا رجلا جزاه الله خيرا |
|
يدل على محصلة تبيت) (١) |
المحصلة المرأة التي تحصل تراب المعدن أي : تجعله حاصلا ، قال الجوهري : والبيت مضمن أي : تبيت تفعل كذا يعني أن تبيت فعل ناقص ، وأن خبره مذكور بعد هذا البيت ففيه العيب المسمى عند العروضيين بالتضمين ، وهو افتقار البيت إلى ما بعده كقول النابغة:
وهم وردوا الجفار على تميم |
|
وهم أصحاب يوم عكاظ أنى |
شهدت لهم مواطن صادقات |
|
شهدن لهم بحسن الظن منى (٢) |
وإنما أنشد الجوهري البيت المتقدم برفع رجل ثم قال : ويروى ألا رجلا بمعنى هات لي رجلا ، ويروى ألا رجل بمعنى ألا من رجل ، قلت : والذي يظهر في توجيه الرفع أن يكون رجلا فاعلا بفعل محذوف يفسره المذكور أي : ألا يدل رجل ، وفي توجيه الجر أن يكون على تقدير ألا دلالة رجل فحذف المضاف وأبقى المضاف إليه على حاله كما في قراءة من قرأ : (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) بالجر أي : ثواب الآخرة ، ويدل على هذا المحذوف بدل والمعنى : ألا تحصلون لي دلالة رجل ، وأما رواية النصب فقد وجهها الخليل بما يقتضي أن تكون ألا للعرض ، (والتقدير عنده ألا تروني رجلا هذه صفته فحذف الفعل مدلولا عليه بالمعنى) ، وتوجيه الجوهري للنصب يقتضي أنه جعل ألا للتنبيه (وزعم بعضهم أنه محذوف على شريطة التفسير أي : ألا جزى الله
__________________
(١) البيت من البحر الوافر ، وهو لعمرو بن قعاس المرادي في خزانة الأدب ٣ / ٥١ ، وبلا نسبة في الأزهية ص ١٦٤ ، والجنى الداني ص ٣٨٢.
(٢) البيتان من البحر الوافر ، وهما للنابغة في ديوانه ص ٢٧ و ١٢٨ ، ولسان العرب ١٣ / ٢٥٩ (ضمن).