وهي مركّبة عند سيبويه من «إن» و «ما» ، وقد تحذف «ما» كقوله [من المتقارب] :
٨٢ ـ سقته الرّواعد من صيّف |
|
وإن من خريف فلن يعدما |
أي : إمّا من صيف وإما من خريف ، وقال المبرّد والأصمعي : «إن» في هذا البيت شرطيّة ، والفاء فاء الجواب ، والمعنى : وإن سقته من خريف فلن يعدم الريّ ، وليس بشيء لأن المراد وصف هذا الوعل بالريّ على كل حال ، ومع الشرط لا يلزم ذلك ، وقال أبو عبيدة : «إن» في البيت زائدة.
______________________________________________________
لكنهم فيما رأيت لم يستشهدوا على الإبدال إلا مع فتح الهمزة كما سيأتي ، (وهي مركبة عند سيبويه من أن وما) أدغمت النون في الميم للتقارب ، وإنما قال عند سيبويه ؛ لأن غيره يرى أنها حرف بسيط ، وهذا هو الأصل (وقد تحذف ما) وتبقى إن (كقوله :
سقته الرواعد من صيف |
|
وإن من خريف فلن يعد ما (١) |
أي إما من صيف وإما من خريف) فحذف إما الأولى وما من إما الثانية ، والرواعد صفة للسحاب جمع راعدة يقال : رعدت السحابة إذا سمع منها صوت الرعد ، ويقال : أرعدت بالهمزة أيضا ، والصيف بتشديد الياء ، (وقال الأصمعي والمبرد : إن في هذا البيت شرطية والفاء فاء الجواب ، والمعنى وإن سقته من خريف فلن يعدم الري) بكسر الراء وتشديد المثناة التحتية ، (وليس) هذا القول (بشيء ؛ لأن المراد وصف هذا الوعل) بفتح الواو والعين المهملة كفرس وبفتح الواو وكسر العين ككتف ، وهما مشهوران وبضم الواو وكسر العين كدئل ، وهذا نادر والمراد بالوعل تيس الجبل ، (بالري) وعدم العطش (على كل حال ، ومع الشرط لا يلزم ذلك) إذ يصير انتفاء العطش معلقا بشرط سقي السحائب له في الخريف ، ومفهومه ثبوت العطش عند انتفاء هذا الشرط وهو مناف للغرض ، وفيه نظر ؛ لأنا لا نسلم أن المقصود وصف هذا الوعل بالري على كل حال ، وإنما الغرض وصف حاله بحسب الواقع ، فأخبر أولا بما وقع من سقي سحائب الصيف له ، وذلك مقتض لريه منها ثم أخبر بأن سحائب الخريف إن سقته بعد ذلك حصل له الري المستمر ، ولو سلم أن المقصود ما ذكر من وصفه بالري دائما فمع الإتيان بأما التي هي هنا لأحد الشيئين لا يلزم ذلك.
(وقال أبو عبيدة) بالتصغير وهاء التأنيث : (إن في البيت زائدة) وعلى هذا يتأتى ما ذكره
__________________
(١) البيت من البحر المتقارب ، وهو للنمر بن تولب في ديوانه ص ٣٨١ ، والأزهية ص ٥٦ ، وخزانة الأدب ١١ / ٩٣.