إن الأصل : في نظمي ، فجوّزا نيابتها عن الظّاهر وعن ضمير الحاضر ، والمعروف من كلامهم إنما هو التّمثيل بضمير الغائب.
مسألة ـ من الغريب أن «أل» تأتي للاستفهام ، وذلك في حكاية قطرب «أل فعلت؟» بمعنى : هل فعلت ، وهو من إبدال الخفيف ثقيلا كما في الآل عند سيبويه ، ولكن ذلك سهل ، لأنه جعل وسيلة إلى الألف التي هي أخفّ الحروف.
______________________________________________________
(إن الأصل في نظمي فجوزا) أي : الزمخشري وأبو شامة (نيابتها عن الظاهر وضمير الحاضر) وهذا إنما هو على التوزيع ؛ فإنهما لم يجتمعا على كل واحد من الأمرين.
(والمعروف من كلامهم) أي : كلام النحاة القائلين بتجويز نيابة أل عن اسم آخر (إنما هو التمثيل بضمير الغائب) لا عن الظاهر كما فعل الزمخشري ، ولا عن ضمير الحاضر كما فعل أبو شامة ولا شك أن ما نسبه المصنف إليهما هو ظاهر كلامهما ، ولكن الزمخشري نفى ذلك في قوله : (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى) [النازعات : ٣٩] فوجب أن يحمل كلامه على أن الأصل أسماء المسميات ، وأن الأسماء أريد بها أسماء معروفة معهودة فأتى بالتعريف اللامي قائما مقام التعريف الإضافي ، وليست اللام عوضا من المضاف إليه توفيقا بين كلاميه ، كذا قال التفتازاني قلت : ويمكن حمل كلام أبي شامة على هذا ، فلا يؤخذ منه أن أداة التعريف عوض عن الباء ، ومن العجب أن المصنف نسب إلى أبي شامة ما ادعاه في بيت الشاطبي ، وقد وقع مثله للزمخشري ولم ينسبه إليه ، وذلك أنه قال في قوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ) [البقرة : ٣١] أي أسماء المسميات فحذف المضاف إليه لكونه معلوما مدلولا عليه بذكر الأسماء ؛ لأن الاسم لا بد له من مسمى وعوض منه اللام كقوله : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) [مريم : ٤] هذا كلامه ، وهو ظاهر في أن الأصل في الآية الأخيرة واشتعل رأسي ، فحذف المضاف إليه الذي هو ضمير الحاضر وعوض منه اللام ، فهذا كقول أبي شامة في ذلك البيت سواء ، ومع ذلك أهمله المصنف.
(مسألة : من الغريب أن أل تأتي للاستفهام وذلك في حكاية ثعلب) عن بعض العرب (أل فعلت بمعنى هل فعلت) فأبدلت الهاء همزة (وهو من إبدال الخفيف ثقيلا) فإن الهاء خفيفة والهمزة ثقيلة بالنسبة إليها وهذا الإبدال (كما في الآل) أي : كما في إبدال الهمزة من الهاء في الآل (عند سيبويه ، لكن ذلك) الإبدال الواقع في الآل (سهل ؛ لأنه جعل وسيلة إلى الألف التي هي أخف الحروف) ؛ وذلك لأن الهاء الساكنة أبدلت همزة ساكنة ، فاجتمعت همزتان في كلمة أولاهما مفتوحة والثانية ساكنة ، فوجب إبدال الساكنة حرفا مجانسا لحركة ما قبلها وهو الألف ؛ إذ هو المجانس للفتحة وإنما قال عند سيبويه ؛ لأن غيره يرى أن آلا واوي العين محركها فقلبت الواو فيه ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها إلى القياس ، فلا يكون نظيرا لما نحن فيه.