.......
______________________________________________________
أريد بكل منهما العموم ؛ لعدم الفائدة ، ثم قال : ويستنتج من هذا أن علم الجنس لا يثنى ولا يجمع ؛ لأن التثنية والجمع إنما يكونان للأفراد.
قلت : وهذا صحيح فلا ينبغي تثنيته وجمعه إلا على تأويل ، وتحصل من هذا أن الواضع يتصور الماهية ، ثم قد يضع لها من حيث هي ، وقد يضع لها بقيد تعينها في الخارج ، وقد يضع منها للصورة الحاضرة في ذهنه ، وقد يضع لها صورة في الذهن غير مخصص لها بالوضع ، وقد يضع لها ملاحظا الأفراد الخارجية غير مخصص لها بالوضع ، فهذه خمسة أقسام واسم الجنس عندي منها الخامس ، وعلم الجنس الرابع ، وكان الخسرو شاهي يقول : علم الجنس الموضوع لها بقيد الشخص الذهني ، واسم الجنس الموضوع لها بدون ذلك القيد ، فجعل علم الجنس الصورة الثالثة مما ذكرناه ، واسم الجنس الصورة الأولى ، وكان يتبجح بهذا الفرق ، واعترض عليه الشيخ الإمام بأنه ينبغي أن يشترط أن يكون الوضع لصورة ذهنية واحدة ؛ لأن العلم إنما يكون كذلك وحينئذ لا يصدق على غيرها من الصور ، قال : وبهذا يفسد فرقه ؛ لأن أسامة ونحوه من أعلام الأجناس لا يختص بواحد ، قال : فإن أخذ في وضعه للصورة الذهنية ما يشبهها من الصور أو المنتزع من بينها ساوى الوضع الخارجي ، فكيف يجعل أحدهما علما والآخر نكرة ، قال : فالحق أن العلم إنما يكون موضوعا لشخص واحد لا تعدد فيه ، وإنما العرب أجرت على أسامة ونحوه حكم الأعلام ، ولعلهم شبهوا الصورة الذهنية وإن اختلفت بالصورة الواحدة فيتم ويصح ما قاله الخسرو شاهي ، قلت : إن تم بهذا الوجه فلا يتم من جهة قوله بقيد التشخيص الذهني ، فإنه صريح في أن الوضع لصورة مشخصة في الذهن أخص من سائر الصور ، وقول الشيخ الإمام : العلم إنما يكون لواحد لا تعدد فيه.
أقول : ذلك العلم التحقيقي وهو علم الشخص وهو الموضوع للماهية بقيد تعينها وتشخصها في الخارج بالنسبة إلى واحد معين ، وليس الكلام فيه إنما الكلام في علم الجنس ، فلم قال : إنما يكون لواحد معين؟ فإن قلت : وهل يكون العلم لمتعدد؟ قلت : قال النحاة في باب غير المنصرف : العدل تحقيقي وتقديري ، وفسروا التقديري بأنه الذي اضطررنا إليه حين وجدناهم يعاملونه معاملة المعدول بأن منعوه من الصرف ، وأقول على مساق هذا شيئا رأيته لنحوي عصرنا عبد الله بن هشام رحمهالله تعالى.
قد يقال : على ذلك : العلم علمان تحقيقي كزيد وعلم تقديري كأسامة ، فإنا إنما حكمنا بكونه علما حين وجدناهم عاملوه معاملة الأعلام ، فمنعوه من الصرف ومن دخول أل ومن الإضافة ، وصححوا الابتداء به في قولهم : هذا أسامة أجرأ من ثعالة ، وجوزوا مجيء الحال منه