تنبيه ـ قال ابن عصفور : أجازوا في نحو «مررت بهذا الرّجل» كون «الرجل» نعتا وكونه بيانا ، مع اشتراطهم في البيان في أن يكون أعرف من المبيّن ، وفي النعت أن لا يكون أعرف من المنعوت ، فكيف يكون الشيء أعرف وغير أعرف؟
وأجاب بأنه إذا قدّر بيانا قدرت «أل» فيه لتعريف الحضور ؛ فهو يفيد الجنس بذاته ، والحضور بدخول «أل» ؛ والإشارة إنما تدلّ على الحضور دون الجنس ؛ وإذا قدّر نعتا قدرت «أل» فيه للعهد ، والمعنى مررت بهذا وهو الرجل المعهود بيننا ، فلا دلالة فيه على الحضور ، والإشارة تدلّ عليه ، فكانت أعرف. قال : وهذا معنى كلام سيبويه.
______________________________________________________
في قولهم : هذا أسامة أجرأ من ثعالة مقبلا ، ونعته بالمعرفة دون النكرة ، ولو لا ذلك لقضينا بأنه نكرة شائع في أفراد جنس الأسد ، فهذا من الاستدلال بالأثر على المؤثر ، وكذلك مسألة العدل سواء ، إلى هنا كلامه ، ومراده بالشيخ الإمام والده قاضي القضاة تقي الدين السبكي ، علامة وقته غير مدافع ، وبعبد الله بن هشام الشيخ جمال الدين مصنف هذا الكتاب الذي نحن في شرحه رحمة الله عليهم أجمعين.
(تنبيه : قال ابن عصفور : أجازوا في نحو : مررت بهذا الرجل كون الرجل نعتا ، وكونه عطف بيان مع اشتراطهم في البيان أن يكون أعرف من المبين ، وفي النعت أن لا يكون أعرف من المنعوت ، فكيف يكون الشيء أعرف وغير أعرف ، وأجاب بأنه إذا قدر) الرجل (بيانا) أي : عطف بيان (قدرت أل فيه لتعريف الحضور ، فهو يفيد الجنس بذاته والحضور بدخول أل ، والإشارة إنما تدل على الحضور دون الجنس) ، فيكون ذو اللام الحضورية أعرف منه بهذا الاعتبار ، (وإذا قدر) الرجل (نعتا قدرت أل فيه للعهد ، فالمعنى مررت بهذا وهو الرجل المعهود بيننا ، فلا دلالة فيه على الحضور) ؛ لفقدان ما يدل عليه ، (والإشارة تدل عليه) بذاتها (فكانت أعرف) منه بهذا ، (قال : وهذا معنى كلام سيبويه) ، وقد أعاد المصنف كلام ابن عصفور هذا في الباب الخامس في الجهة السادسة منه ، وحكى هناك عن ابن مالك أنه قال : أكثر المتأخرين يتوهم أن عطف البيان لا يكون إلا أخص من متبوعه ، وليس كذلك ، واستشكل هو أعني المصنف كلام ابن عصفور حيث أول الرجل الحاضر أو المشار إليه إذا قدر نعتا ، فقال : وفيه نظر ؛ لأن الذي يؤوله النحويون بالحاضر والمشار إليه إنما هو اسم الإشارة نفسه إذا وقع نعتا كمررت بزيد هذا ، فأما نعت اسم الإشارة فليس ذلك معناه ، وإنما هو معنى ما قبله فكيف يجعل معنى ما قبله تفسيرا له ، قلت : قد جعل سيبويه ذا الجمة من قولهم : يا هذا ذا الجمة عطف بيان على أن اسم الإشارة أخص من المضاف إلى ذي الألف واللام ، وهو مخالف لما حكاه ابن عصفور.