وإن كانت همزة الاستفهام جاز قياسا ، وكان الجواب بـ «نعم» أو بـ «لا» ، وذلك أنه إذا قيل «أزيد عندك أو عمرو» فالمعنى أأحدهما عندك أم
______________________________________________________
ولست أبالي بعد آل مطرف |
|
حتوف المنايا أكثرت أو أقلت (١) |
وحكى الرضي أيضا أن أبا علي الفارسي قال : لا يجوز أو بعد سواء فلا يقال : سواء علي قمت أو قعدت ، قال : لأنه يكون المعنى سواء علي أحدهما.
قلت : ولعل هذا هو مأخذ المصنف في تخطئة الفقهاء وغيرهم في هذا التركيب ، قال الرضي : ويرد عليه أيضا أن معنى أم أحد الشيئين أو الأشياء ، فيكون معنى سواء علي أقمت أم قعدت سواء علي أيهما فعلت ، أي : الذي فعلت من الأمرين لتجرد أي من الاستفهام ، وهذا أيضا ظاهر الفساد ، وإنما لزمه ذلك في أو وأم ؛ لأنه جعل سواء خبرا وما بعده مبتدأ ، والوجه أن يكون سواء خبر مبتدأ محذوف ساد مسد جواب الشرط ، هذا كلامه.
قلت : وفيه مسامحة من جهة قوله : إن معنى أم أحد الشيئين أو الأشياء ، وليس كذلك إذ هي موضوعة لعطف أحد الشيئين أو الأشياء مرادا من حيث هو أحدهما أو أحدها ، وليس معناها نفس ذلك الأحد ، ومن جهة أن قوله ساد مسد جواب الشرط وقع صفة للمبتدأ المحذوف ، وليس الأمر كذلك فإن الساد هو مجموع الجملة الاسمية كما مر ، ثم العجب من إيراد المصنف قول الفقهاء سواء كان كذا أو كذا في العطف بعد همزة التسوية ، وكذا ما في «الصحاح» ، والفرض أن لا همزة في شيء من ذلك وكأنه توهم أن الهمزة لازمة بعد كلمة سواء في أول جملتها ، فقدر الهمزة ؛ إذ لم تكن مذكورة ، وتوصل بذلك إلى تخطئة الفقهاء وغيرهم وهذا مندفع بما مر ، وأما قراءة ابن محيصن التي نسبها إلى كامل الهذلي وهي : سواء عليهم أنذرتهم أو لم تنذرهم بهمزة واحدة ، وبأو كما دل عليه مجموع كلامه في الألف المفردة وهنا ، فوجهها في العربية صحيح على ما قاله السيرافي ، ولا يتأتى حينئذ الاستشهاد بهذه القراءة على حذف الهمزة ، كما سبق في أول الكتاب ، وأما تخطئة الفقهاء في قولهم يجب أقل الأمرين من كذا أو كذا ، وأن الصواب فيه العطف بالواو فمبني على أن المبين هو الأمران جميعا وهو ممنوع ، بل المبين أقلهما والأقل هو أحدهما فجاز العطف بأو بل تعين والحالة هذه.
(وإن كانت) تلك الهمزة التي وقع العطف بعدها بأو (همزة الاستفهام جاز) العطف بأو (وكان الجواب بنعم أو بلا ، وذلك أنه إذا قيل أزيد عندك أو عمرو فالمعنى أأحدهما عندك أم
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لمليح بن علاق العقيني في شرح أبيات سيبويه ٢ / ١٤٩ ، وبلا نسبة في الأزهية ص ١٢٧.