وقد يرفع الفعل بعدها كقراءة ابن محيصن (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) [البقرة : ٢٣٣] ، وقول الشاعر [من البسيط] :
٣٥ ـ أن تقرآن على أسماء ويحكما |
|
منّي السّلام وأن لا تشعرا أحدا |
وزعم الكوفيّون أنّ «أن» هذه هي المخفّفة من الثّقيلة شذّ اتّصالها بالفعل ،
______________________________________________________
(وقد يرفع الفعل المضارع بعدها) أي : بعد أن المصدرية فتكون حينئذ مهملة (كقراءة ابن محيصن) بنون بعد الصاد المهملة على صيغة تصغيرها محصن (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) [البقرة : ٢٣٣] بضم الميم فدل على أنها قد تهمل ، وفيه نظر ؛ لاحتمال أن يكون المضارع مسندا إلى ضمير الغائبين عائدا على من رعاية لمعناها بعد رعاية لفظها.
فإن قلت : لو كان كذلك لرسم بالواو والألف على ما تقرر في علم الخط ، قلت : رسم المصحف لا يجري على القياس المقرر في هذا الفن ، وإنما هو سنة تتبع وكم فيه من أشياء خارجة عن قياس الخط المصطلح عليه ، وفي الباب الخامس من الجهة الرابعة منه أن بعضهم ذهب في الآية إلى أن الأصل أن يتموا بالجمع قال المصنف : وهو حسن.
(وقول الشاعر) بخفض قول عطفا على قراءة ابن محيصن :
يا صاحبي فدت نفسي نفوسكما |
|
وحيثما كنتما لاقيتما رشدا |
أن تحملا حاجة لي خف محملها |
|
وتصنعا نعمة عندي بها ويدا |
(أن تقرآن على أسماء ويحكما |
|
مني السّلام وأن لا تشعرا أحدا) (١) |
أن تحملا منصوب بفعل مقدر أي : أسألكما وأن تقرآن إما في محل نصب بدلا من أن تحملا أو من حاجة ، وإما في محل رفع خبر مبتدأ محذوف عائد إلى حاجة أي : هي أن تقرآن ، فقد أهمل الشاعر بعد ما أهمل وأعمل بعد ما أهمل (وزعم الكوفيون أن هذه هي المخففة من الثقيلة عند اتصالها بالفعل) وذلك أن المخففة إذا وقع بعدها فعل ، فإن كان جامدا نحو (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) [الأعراف : ١٨٥](وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) (٣٩) [النجم : ٣٩] أو دعاء نحو (وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها) في قراءة نافع بصيغة الماضي فلا تحتاج إلى فاصل بينها وبين ذلك الفعل وإن لم يكن جامدا ولا دعاء فلا بد من الفصل بقد ، نحو (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا) [المائدة : ١١٣] أو بلو نحو (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) [الجن : ١٦] أو بحرف تنفيس نحو
__________________
(١) الأبيات من البحر البسيط ، الأول بلا نسبة في اللسان ٣ / ١٧٦ (وصل) ، والبيت الثالث بلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٣٣٣.