وقول الآخر :
فلم أجبن ، ولم أنكل ولكن |
|
يممت بها أبا صخر بن عمرو (١) |
فحذف التنوين إنما هو لأنهم جعلوا الاسمين كالاسم الواحد ، وإذا كان الأمر كذلك لم يلزم الابتداء بابن ، فيحتاج إلى الألف ، فسبيلها إذن أن تحذف خطا لما استغني عنها لفظا.
فإن قلت : ألست تكتب نحو : قم فاضرب زيدا ، واقعد واشتم خالدا ، فتثبت الألف في اضرب واشتم وإن كان قبلهما حرفان لا ينفصلان بأنفسهما ، ولا يمكن تقدير انفرادهما ، وهما الفاء والواو ، وليس اتصال ابن بما قبله بأشد من اتصال اضرب واشتم بالفاء والواو ، وأنت مع ذلك قد أثبتّ الألف في أول فاضرب ، وواشتم ، وإن كنت الآن لا تنوي فصلهما من الواو والفاء لضعفهما ولطفهما عن أن تحذفا ، فهلا أثبتّ أيضا الألف في أول ابن وإن كان متصلا بما قبله ، بل هلا كان إثبات الألف في ابن أوجب من إثباتها في فاضرب ، وواشتم لأن الواو والفاء أقل في اللفظ وأشد حاجة إلى الاتصال بما بعدهما من الموصوف بصفته ، لأن الموصوف اسم تام قائم بنفسه؟
فالجواب : أن بين الموضعين فرقا ، وذلك أن الاستعمال في فاضرب ، وواشتم لم يكثر كثرته في إجراء ابن صفة على ما قبله ، وذلك نحو : زيد بن عمرو ، وأبي بكر بن قاسم ، وجعفر بن أبي علي ، وسعيد بن بطّة ، وخفاف بن ندبة ، وعطّاف بن بشّة ، ونصر بن طوعة ، وعبد بن حجلة ، وعياض بن أم شهمة ، والعريان بن أم سهلة ، وحميد بن طاعة ، وعبد الله بن الدّمينة ، ويزيد بن ضبّة ، وربيعة بن الذّبية ، وشبيب بن البرصاء ، وغير هؤلاء من الشعراء ممن نسب إلى أمه (٢).
فلما كان ابن مضافا إلى الأب والأم لا ينفك من أحدهما كثر استعماله معهما ،
__________________
(١) أجبن : الجبان الذي يهاب الأشياء ولا يقدم عليها. أنكل : نكل عن الأمر نكولا : نكص. القاموس المحيط (٤ / ٦٠). يممت : تيمم الشيء توخاه وتعمده. القاموس المحيط (٤ / ١٩٣). والشاهد فيه (صخر بن عمرو) حيث حذف التنوين من (صخر).
(٢) انظر هذه الأسماء وغيرها ممن نسب إلى أمه في كتاب «من نسب إلى أمه من الشعراء» لمحمد ابن حبيب.