فحذفت الألف من أوله متى جرى وصفا على العلم قبله ، لأنه لا ينوى فصله مما قبله إذ كانت الصفة والموصوف عندهم مضارعة للصلة والموصول من ستة أوجه قد ذكرناها في غير هذا الكتاب ، فتركناها كراهية الإطالة بذكرها.
ولم يكن اضرب واشتم متصلين بالفاء والواو ولا منفصلين منهما فتحذف الألف معهما لاعتماد الواو والفاء عليهما ، ولو كثر استعمال ذلك لحذفت الألف ، ألا ترى أنه لما كثر «بسم الله» حذفت منه الألف ، وما يحذف لكثرة استعماله أكثر من أن أذكره ، منه قولهم : لا أدر ، ولم يك ، ولم أبل. وكتبوا باسم المهيمن ، وباسم الخلاق ، وباسم رب العزة ، وغير ذلك مما لم يكثر استعماله كثرة بسم الله بالألف على الأصل.
والكنية أيضا قد كثرت صفتها بابن مضافا إلى مثلها أو غيره من العلم واللقب ، وصار ابن مع ما قبله تقدمت الكنية عليه أو تأخرت عنه كالشيء الواحد ، فيجب أن تحذف الألف من الخط إذ لا فرق بين الكنية واللقب والعلم في ذلك.
واعلم أن الشاعر ربما اضطر ، فأثبت التنوين في هذه المواضع التي ذكرناها ، لأن ذلك هو الأصل.
قال الشاعر (١) :
جارية من قيس ابن ثعلبة |
|
كأنها حلية سيف مذهبة (٢) |
وقال الحطيئة (٣) :
إلا يكن مال يثاب فإنه |
|
سيأتي ثنائي زيدا ابن مهلهل (٤) |
__________________
(١) نسبه صاحب الكتاب إلى الأغلب العجلي (٢ / ١٤٨) وذكره في المقتضب بغير نسب (٢ / ٣١٣) ، وذكره صاحب الخزانة منسوب إليه أيضا (١ / ٣٣٢).
(٢) قيس بن ثعلبة : حي من بني بكر بن وائل. والشاعر يهجو امرأة من بني قيس بقوله جارية ثم يصفها بحلية السيف المذهبة. والشاهد فيه : (قيس بن ثعلبة) حيث اضطر الشاعر لإثبات التنوين.
(٣) البيت في ديوانه (ص ٨٤) يمدح بذلك زيد الخيل الطائي وكان أسر الشاعر ، فمنّ عليه.
(٤) الشاهد فيه : (زيدا ابن مهلهل) حيث اضطر الشاعر لإثبات التنوين في كلمة (زيدا).