هل تعرف الدار ببيدا إنّه |
|
دار لليلى قد تعفّت إنّه (١) |
فإن سأل سائل ، فقال : ما تقول في قوله : ببيدا إنّه؟ هل تجيز أن يكون صرف بيداء ضرورة ، فصارت في التقدير : بيداء ، ثم إنه شدد التنوين ضرورة على حد التثقيل في قوله (٢) :
ضخم يحبّ الخلق الأضخمّا (٣)
ونحو قول الآخر (٤) :
كأنّ مهواها على الكلكلّ (٥)
وغير ذلك مما أثبتناه في أول كتابنا هذا ، وفي غيره مما صنفناه وأمللناه ، فلما ثقّل التنوين واجتمع ساكنان فتح الثاني من الحرفين لالتقائهما ، ثم ألحق الهاء لبيان الحركة كما يلحقها في هنّه ولكنّه.
فالجواب : أن هذا غير جائز في القياس ، ولا سائغ (٦) في الاستعمال ، وذلك أن هذا التثقيل إنما أصله أن يلحق في الوقف على ما قدمنا ذكره ، ثم إن الشعراء تضطر إلى إجراء الوصل مجرى الوقف ، فيقولون : سبسبّا (٧) ، وكلكلّا ، والأضخمّا ، ونحو ذلك.
__________________
(١) تعفت : زال آثارها. اللسان (١٥ / ٧٨) مادة / عفا. والشاعر يتألم لرحيل محبوبته ويتأمل أثر ديارها مستخدما في ذلك أسلوب الاستفهام الدال على التشويق. والشاهد فيه (ببيدا إنه) حيث صرف الكلمة ويريد (بيداء إن) فلما ثقل التنوين واجتمع ساكنان فتح الثاني ثم ألحق الهاء لبيان الحركة.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) الشاهد فيه (الأضخما).
(٤) سبق تخريجه.
(٥) الشاهد فيه (الكلكل).
(٦) سائغ : مستحب.
(٧) سبسبا : هذا بعض بيت من الرجز ، وهو مع بيتين قبله :
إن الدبا فوق المتون دبا |
|
وهبت الريح بمور هبا |
تترك ما أبقى الدبا سبسبا |
وقد اختلف في قائله ، فنسبه بعضهم إلى رؤبة ، ونسبه آخرون لربيعة بن صبيح ، وقيل هو لأعرابي. انظر / ملحقات ديوان رؤبة (ص ١٦٩) ، وشرح الشافية (٢ / ٣١٩ ـ ٣٢٠). الدبا : الجراد قبل أن يطير ، والواحدة دباة. القاموس المحيط (٤ / ٣٢٧).