وحركة نون التثنية كسرة ، وحركة نون الجمع الذي على حد التثنية فتحة ، نحو الزيدان والزيدون ، وكلتاهما محركة لالتقاء الساكنين ، وخالفوا الحركة للفرق بين التثنية والجمع ، وكانت نون التثنية أولى بالكسر من نون الجمع لأن قبلها ألفا ، وهي خفيفة ، والكسرة ثقيلة ، فاعتدلا ، وقبل نون الجمع واو أو ياء ، وهي ثقيلة ، ففتحوا النون ليعتدل الأمر.
فإن قلت : فقد تقول : مررت بالزيدين ، وضربت الزيدين ، فتكسر النون وقبلها ياء ، فهلا هربت إلى الفتحة لمكان الياء كما هربت إلى الفتحة لمكان الياء في نحو أين وكيف؟
فالجواب : أن الياء في نحو الزيدين والعمرين ليست بلازمة كلزومها في أين وكيف ، ألا تراك تقول في الرفع الذي هو الأصل ـ وإنما الجر والنصب فرعان عليه ـ : رجلان وامرأتان ، فلا تلزم الياء النون كما تلزم الياء النون والفاء في أين وكيف ، فلما كانت الياء غير لازمة في التثنية ، وكان الرفع الذي هو الأصل لا تجد فيه ياء ، أجروا الباب على حكم الألف التي هي أصل ، وإنما الياء بدل منها ، ولو أنهم فتحوا النون في الجر والنصب ، وكسروها في الرفع لاختلفت حال نون التثنية ، على أن من العرب من يفتحها في حال الجر والنصب تشبيها بأين وكيف ، ويجري الياء وإن كانت غير لازمة مجرى الياء اللازمة ، فيقول : مررت بالزيدين ، وضربت العمرين.
وأنشدوا في ذلك (١) :
على أحوذيّين استقلّت عليهما |
|
فما هي إلا لمحة فتغيب (٢) |
وفتحها بعضهم في موضع الرفع ، قرأت على أبي علي في نوادر أبي زيد (٣) :
__________________
(١) يقال هو محمد بن ثور الهلالي.
(٢) أحوذيين : مثنى أحوذي : هو السريع في كل ما أخذ فيه. القاموس المحيط (١ / ٣٥٣). لمحة : اللمحة : اختلاس النظرة. القاموس المحيط (١ / ٢٤٧). والشاهد فيها في قوله (الأحوذيين) حيث عوملت الياء معاملة الياء اللازمة للاسم وليست علامة إعراب للمثنى.
(٣) يقال أن البيت لشاعر من بني ضبة.