ويقوي مذهب الكسائي في أن خظاتا معناه خظتا ، وأنه أجرى الحركة العارضة مجرى الحركة اللازمة على ما قدمنا ذكره.
إلا أن للفراء أن يحتج لقوله ببيت أبي دواد :
ومتنان خظاتان |
|
كزحلوف من الهضب (١) |
فهذا يقوّي أن خظاتا تقديره خظاتان. وأنشدوا بيتا آخر ، وهو قوله (٢) :
لنا أعنز لبن ثلاث فبعضها |
|
لأولادها ثنتا ، وما بيننا عنز (٣) |
يريد : ثنتان ، فحذف النون.
فأما من ذهب إلى أن النون في التثنية عوض من التنوين وحده ، وأنها إنما تثبت مع لام المعرفة لأنها بحركتها أقوى من التنوين ، فيفسد قوله عندي لأنه لم يعوض من الحركة شيئا.
وقد دلت الدلالة الصحيحة عندنا على أن ألف التثنية ليس فيها تقدير حركة في معناها ، كما أنها ليست موجودة في لفظها ، وإذا كان ذلك كذلك ، وكان الاسم المثنى معربا كما كان الواحد معربا ، فقد يجب أن يعوض من حركة إعرابه ، فلهذا قلنا : إن النون في التثنية عوض مما منع الاسم من الحركة والتنوين جميعا ، وهذه النون مخففة أبدا نحو رجلان وامرأتان ،
فأما قولهم هذانّ و (فَذانِكَ بُرْهانانِ) (القصص : ٣٢) (٤) واللذانّ ، فإنما ثقّلت في هذه المواضع لأنهم عوّضوا بتثقيلها من حرف محذوف ، أما في هذانّ فهي عوض من ألف ذا ، وكذلك هي في اللذانّ عوض من ياء الذي ، وهي في ذانّك عوض من لام ذلك ، وقد يحتمل أيضا أن تكون عوضا من ألف ذلك.
__________________
(١) سبق تخريجه.
(٢) لم نعثر على قائله.
(٣) البيت ذكره صاحب الممتع (ص ٥٢٧) ولم ينسبه ، وكذا ذكره صاحب الخصائص (٢ / ٤٣٠) ، ولم ينسبه. والشاهد في قوله (ثنتا) حيث حذف نون التثنية ، والتقدير ثنتان.
(٤) تشديد النون قراءة ابن كثير وأبي عمرو. السبعة (ص ٤٩٣).