ـ يوما عن إنشاد أبى زيد :
فخير نحن عند الناس منكم |
|
إذا الداعى المثوّب قال يالا (١) |
فقال : ما تقول فى هذه الألف من قوله : يالا ، يعنى الأولى ، فقلت : أصل ؛ لأنها كألف ما ، ولا ، ونحوهما. فقال : بل هى الآن محكوم عليها بالانقلاب ؛ كألف باب ودار. فسألته عن علّة ذلك ، فقال : لمّا خلطت بها لام الجرّ من بعدها ، وحسن قطعها ، والوقوف عليها ، والتعليق لها فى قوله : يا لا ، أشبهت (يال) هذه الكلمة الثلاثية التى عينها ألف ، فأوجب القياس أن يحكم عليها بأنها كباب ، وساق ، ونحو ذلك. فأنقت لذلك ، وذهب بى استحسانى إياه كل مذهب.
وهذا الحديث الذى نحن الآن عليه هو الذى سوّغ عندى أن يكتب نحو قوله :
* يال بكر أنشروا لى كليبا (٢) *
ونحو ذلك مفصولة اللام الجارّة عمّا جرّته. وذلك أنها حيزت إلى (يا) من قبلها ، حتى صارت (يال) كباب ودار ؛ وحكم على ألفها (من الانقلاب) بما يحكم به على العينات إذا كنّ ألفات. وبهذا أيضا نفسه يستدلّ على شدّة اتصال حروف الجرّ بما تدخل عليه من الأفعال لتقوّيه فتعدّيه ؛ نحو مررت بزيد ونظرت إلى جعفر ؛ ألا ترى أنّ لام الجرّ (فى نحو) بالزيد دخلت موصّلة ل (يا) إلى المنادى ؛ كما توصّل الباء الفعل فى نزلت بك وظفرت به. وقد تراها محوزة إلى (يا) حتى قال (يا لا) فعلّق حرف الجرّ ، ولو لم يكن لاحقا ب (يا) وكالمحتسب جزءا منها ،
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو لزهير بن مسعود الضبى فى تخليص الشواهد ص ١٨٢ ، وخزانة الأدب ٢ / ٦ ، والدرر ٣ / ٤٦ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٥٩٥ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٢٠ ، ونوادر أبى زيد ص ٢١ ، ورصف المبانى ص ٢٩ ، ٢٣٧ ، ٣٥٤ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٤٧ ، وشرح ابن عقيل ص ١٠٢ ، ولسان العرب (يا) ، ومغنى اللبيب ١ / ٢١٩ ، ٢ / ٤٤٥ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨١.
(٢) صدر البيت من المديد ، وهو للمهلهل بن ربيعة فى خزانة الأدب ٢ / ١٦٢ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٦٦ ، والكتاب ٢ / ٢١٥ ، واللامات ص ٨٧ ، ولسان العرب (لوم). وعجزه :
* يا لبكر أين أين الفرار*
يقال : أنشر الله الموتى ، فنشروا هم ، إذا حيوا وأنشرهم الله أى أحياهم. وانظر الكتاب ١ / ٣١٨.