لما ساغ تعليقه دون مجروره ؛ نحو قوله : يال بكر ويال الرجال ويال الله و:
* يا لك من قبّرة بمعمر (١) *
ونحو ذلك. فاعرفه غرضا اعتنّ فيما كنا فيه فقلنا عليه. وإن فسح فى المدّة أنشأنا كتابا فى الهجاء ، وأودعناه ما هذه سبيله ، وهذا شرحه ، ممّا لم تجر عادة بإيداع مثله. و (من الله المعونة).
وممّا كنا عليه ما حكاه الأصمعىّ من أنهم إذا قيل لهم ، هلمّ إلى كذا ، فإذا أرادوا الامتناع منه قالوا : لا أهلمّ ، فجاءوا بوزن أهريق ، وإنما هاء هلمّ ها فى التنبيه فى نحو هذا وهذه ؛ ألا ترى إلى قول الخليل فيها : إن أصلها هالمّ بنا ، ثم حذفت الألف تخفيفا ؛ وهاء أهريق إنما هى بدل من همزة أرقت ، لمّا صارت إلى هرقت ، وليست من حديث التنبيه فى قبيل ولا دبير.
ومن ذلك قولهم فى التصويت : هاهيت وعاعيت وحاحيت ؛ فهذه الألف عندهم الآن فى موضع العين ومحكوم عليها بالانقلاب ، وعن الياء أيضا ، وإن كان أصلها ألفا أصلا فى قولهم : هاء وعاء وحاء. فهى هنا كألف قاف وكاف ودال (ولام) أصل غير زائدة ولا منقلبة ، وهى فى هاهيت وأختيها (عين منقلبة) عن ياء عندهم ؛ أفلا ترى إلى استحالة التقدير فيها ، وتلعّب الصنعة بها.
ونحو من ذلك قولهم : دعدعت بالغنم إذا قلت لها : داع داع ، وجهجهت بالإبل إذا قلت لها : جاه جاه ، فجرى دعدعت وجهجهت عندهم الآن مجرى
__________________
(١) الرجز لطرفة بن العبد فى ديوانه ص ٤٦ ، ولسان العرب (عمر) ، (قبر) ، (نقر) ، (جوا) ، وجمهرة اللغة ص ٧٩٥ ، والحيوان ٣ / ٦٦ ، ٥ / ٢٢٧ ، والشعر والشعراء ١ / ١٩٤ ، وتاج العروس (عمر) ، (نقر) ، (جوا) ، (الياء) ، وتهذيب اللغة ٢ / ٣٨٤ ، ١١ / ٢٢٨ ، ولكليب بن ربيعة فى لسان العرب (قبر) ، (يا) ، والتنبيه والإيضاح ٢ / ١٨٤ ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٧٧٢ ، ورصف المبانى ص ٢٢١ ، والعقد الفريد ٣ / ١٢٧ ، ٤ / ٣٤ ، والمنصف ١ / ١٣٨ ، ٣ / ٢١ ، والمخصص ١٢ / ٣٩. القبّرة : ضرب من الطير ، واحدة القبّر. معمر : موضع وهو من أرجوزة تنسب إلى طرفة. قال ابن برىّ :
* يا لك من قبّرة بمعمر*
لكليب بن ربيعة التغلبى وليس لطرفة. وانظر اللسان (قبر).