لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) وتقول الآية (٢٧) من سورة الفتح : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ).
ومن المعروف أنّ الوحي السماوي الذي يهبط على الرسل هو نوع من الغيب الذي أطلعهم الله عليه ، فكيف يمكن أن ننفي اطلاعهم بالغيب في الوقت الذي يهبط عليهم الوحي.
بالإضافة إلى ذلك كلّه فإنّ هناك روايات كثيرة تدل على أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة المعصومين عليهمالسلام مطّلعون على الغيب ، ويخبرون به أحيانا ، فمثلا نجد ذلك في قصّة «فتح مكّة» وحادث حاطب بن أبي بلتعة الذي كتب كتابا لأهل مكّة وسلمه لامرأة تدعى «سارة» لتوصله إلى مشركي مكّة ، وأطلعهم فيه على نيّة الرّسول في الهجوم على مكّة ، فأخفت تلك المرأة الكتاب في ضفائرها ، قصدت الذّهاب إلى مكّة ، فأرسل النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إليها أمير المؤمنين عليهالسلام ومعه بعض أصحابه وقال لهم : «ستجدون امرأة عندها كتاب من حاطب إلى المشركي قريش في منزل يسمّى (خاخ)» فلمّا وجدوها أنكرت عليهم الكتاب ، ولكنّها سرعان ما اعترفت وأخذوا منها الكتاب (١).
وكذلك إخبارهم بحوادث معركة مؤتة ، واستشهاد جعفر الطيار عليهالسلام وبعض القادة المسلمين ، في الوقت الذي كان الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يطلع الناس على ذلك في المدينة (٢) ، والأمثلة على ذلك ليست قليلة في حياة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وورد في نهج البلاغة أيضا أخبار كثيرة سابقة لأوانها تشير إلى حوادث مستقبلية ، أخبر عنها أمير المؤمنين عليهالسلام ، ممّا يدل على اطلاعه عليهالسلام بأسرار الغيب ، كما جاء في الخطبة (١٣) في ذمّة أهل البصرة حيث يقول : «كأنّي بمسجدكم كجؤجؤ لسفينة قد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها وغرق من في ضمنها».
__________________
(١) شرح هذه الحادثة ودليله في هذا المجلد في تفسير سورة الممتحنة.
(٢) كامل ابن الأثير ، ج ٢ ، ص ٢٣٧ ، (حادثة غزوة مؤتة).