ويمكن تلخيصها في خمس مراحل :
الأول : (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ).
فأوّل سبب لتعاستهم هو تعطيل التفكّر في مضمون دعوة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولو تفكّروا مليّا لما بقيت مشكلة لديهم.
وفي المرحلة الثّانية تقول الآية : (أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ). سألت الآية مستنكرة : أكانت الدعوة إلى التوحيد والمعاد ، والهدى إلى الأعمال الصالحة مختصّة بهم دون آبائهم الأوّلين ، ليحتجّوا بأنّها بدعوة ، ويقولوا : لماذا لم يبعثه الله للأوّلين ، وهو لطيف بعباده؟
ليس لهم ذلك ، لأنّ الإسلام من حيث المبادئ له مضمون سائر الرسالات التي حملها الأنبياء عليهمالسلام فهذا التبرير غير منطقي ولا معنى له!
وفي المرحلة الثّالثة تقول الآية : (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ).
أي إذا كانت هذه الدعوة صادرة من شخص مجهول ومشكوك ، فيحتمل أن يقولوا بأنّ كلامه حقّ ، إلّا أنّ هذا الرجل مشكوك وغير معروف لدينا ، نخدع بكلامه. ولكنّهم يعرفون ماضيك جيدا ، وكانوا يدعونك محمّدا الأمين ، ويعترفون بعقلك وعلمك وأمانك ، ويعرفون جيدا والديك وقبيلتك ، فلا حجّة لهم!
وفي المرحلة الرّابعة تقول الآية : (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ) أي انّه مجنون ، فبعد اعترافهم بأنّك لست مجهولا بالنسبة لهم ، إلّا أنّهم يشكّكون في سلامة عقلك وينسبونك إلى الجنون ، لأنّ ما تدعو إليه لا ينسجم مع عقائدهم ، فلذلك اتّخذوا هذا دليلا على جنونك.
يقول القرآن المجيد لنفي هذه الحجّة : (بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِ) وكلامه شاهد على هذه الحقيقة ، ويضيف (وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ).
أجل ، إنّ كلمات الرّسول راشدة حكيمة ، إلّا أنّهم ينكرونها لعدم انسجامها مع أهوائهم النفسيّة. فألصقوا به تهمة الجنون! في الوقت الذي لا ضرورة في توافق