أصلها اللغوي ليس كذلك. بل تعني أي نقاش كان. لهذا نرى القرآن يوصي النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (١) أي جادل مخالفيك بأفضل أسلوب.
٢ ـ جدال الباطل سبيل الشيطان
يرى بعض كبار المفسّرين أنّ عبارة (يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) إشارة إلى أقوال المشركين التي تفتقد السند والدليل. وعبارة (وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) إشارة إلى أفعال المشركين الخاطئة.
ويرى آخرون أنّ العبارة الأولى تشير إلى اعتقاداتهم الفاسدة والخرافية. أمّا العبارة الثّانية فتشير إلى سلوكياتهم الخاطئة والمنحرفة.
وبما أنّ الآية السابقة والتالية هذه الآية ، تناولتا الأسس الاعتقادية ، فلا يستبعد أن تشير هاتان الجملتان إلى حقيقة واحدة ، أو بتعبير آخر : تتضمنّان طرفي موضوع واحد ـ نفيه وإثباته ـ فالعبارة الأولى تقول : (يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي يجادل في الله وقدرته تقليدا لأحد ، أو عصبيّة ، أو هوى نفس ، والعبارة الثّانية تشير إلى أن من لا يتّبع العلم والمعرفة ، فمن الطبيعي أنّه يتّبع كلّ شيطان طاغ عنيد.
٣ ـ لماذا أي شيطان كان؟
إنّه ممّا يلفت النظر أنّ القرآن لم يقل أنّ هذا الشخص يتّبع الشيطان ، بل ذكر.
أنّه يتّبع أي شيطان عنيد كان ، وهذا يشير إلى تعدّد مناهج ومكائد الشياطين ، فكلّ منهم اختار لنفسه مكيدة خاصّة ، وهذه المكائد والفخاخ متنوّعة ومتكثّرة إلى حدّ
__________________
(١) النحل ، ١٢٥.