القرعة ـ فاقترعوا عدّة مرّات ، وكان اسم يونس عليهالسلام يخرج في كلّ مرّة! فعلم أنّ في هذا الأمر سرّا خفيّا ، فسلّم للحوادث ، وعند ما ألقوه في البحر ابتلعه حوت عظيم وأبقاه الله في بطنه حيّا.
وأخيرا انتبه إلى أنّه قد ترك الأولى ، فتوجّه إلى الله واعترف بتقصيره ، فاستجاب الله دعوته وأنجاه من ذلك المكان الضيّق (١).
من الممكن أن يتصوّر استحالة هذا الحادث من الناحية العلمية ، ولكن لا شكّ أنّ هذا الأمر خارق للعادة ، إلّا أنّه ليس بمحال عقلي ، كإحياء الموتى فإنّه يعدّ أمرا خارقا للعادة وليس محالا ، وبتعبير آخر : فإنّ وقوعه غير ممكن بالطرق العادية ، ولكنّه ليس صعبا مع الاستعانة بقدرة الله غير المحدودة.
وستقرءون تفصيلا أكثر حول هذه الحادثة في تفسير سورة الصافات إن شاء الله تعالى.
٢ ـ ما معنى الظلمات هنا؟
من الممكن أن يكون هذا التعبير إشارة إلى ظلمة البحر في أعماق الماء ، وظلمة بطن الحوت ، وظلمة الليل ، وتؤيّد ذلك الرّواية التي رؤيت عن الإمام الباقر عليهالسلام (٢).
٣ ـ أي أولى تركه يونس؟
لا شكّ أنّ تعبير «مغاضبا» إشارة إلى غضب يونس على قومه الكافرين ، وكان مثل هذا الغضب في هذه الظروف طبيعيّا تماما ، إذ تحمّل هذا النّبي المشفق المشقّة والتعب سنين طويلة من أجل هداية القوم الضّالين ، إلّا إنّهم لم يلبّوا دعوته
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ، ومجمع البيان ، ونور الثقلين ، ذيل الآية محلّ البحث.
(٢) نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ٣٣٦.