نجاتهم من قبضة الفراعنة ، خاصّة وإنّه وصف الله بصفة رحمته العامّة ، ليكون الأثر أعمق ، وليؤمل هؤلاء في غفران هذا الذنب الكبير : (وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ).
الثّالثة : إنّه نبّههم على مقام نبوّته وخلافته لأخيه موسى (فَاتَّبِعُونِي).
وأخيرا فإنّه عرفهم بواجباتهم الإلهيّة (وَأَطِيعُوا أَمْرِي).
٤ ـ سؤال وجواب؟
لقد أورد المفسّر المعروف «الفخر الرازي» هنا إشكالا وهو ينتظر جوابه والرّد عليه وهو أنّه قال : إنّ الرافضة تمسّكوا بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» ثمّ إنّ هارون ما منعته التقيّة في مثل هذا الجمع ، بل صعد المنبر وصرّح بالحقّ ودعا الناس إلى مبايعة نفسه والمنع من متابعة غيره ، فلو كانت أمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم على الخطأ لكان يجب على علي عليهالسلام أن يفعل ما فعله هارون وأن يصعد على المنبر من غير تقيّة ولا خوف وأن يقول : فاتّبعوني وأطيعوا أمري. فلمّا لم يفعل ذلك علمنا أنّ الأمّة كانت على الصواب.
إلّا أنّ الرازي غفل في هذا الباب عن مسألتين أساسيتين :
١ ـ إنّ ما يقوله من أنّ عليا عليهالسلام لم يقل شيئا في شأن خلافته التي لا ينازع فيها خطأ محض ، لأنّ في أيدينا وثائق كثيرة تؤكّد أنّ الإمام قد بيّن هذا الموضوع في موارد مختلفة ، تارة بصراحة ، وأخرى تلميحا ، وتلاحظ في نهج البلاغة أمثلة مختلفة كالخطبة الشقشقية ـ الخطبة الثّالثة ـ والخطبة ٨٧ ، ٩٤ ، ١٥٤ ، ١٤٧ ، وكلّها تتحدّث في هذا المجال.
وقد ذكرنا في تفسيرنا هذا ذيل الآية (٦٧) من سورة المائدة بعد ذكر قصّة الغدير ، روايات عديدة ، وأنّ عليّا عليهالسلام قد استدلّ واستند إلى حديث الغدير مرارا لإثبات موقعه وخلافته. ولمزيد التوضيح راجع ذيل الآية (٦٧) من سورة المائدة.
٢ ـ لقد كانت هناك ظروف خاصّة بعد وفاة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّ المنافقين الذين