مرسل من الله ، يعترفون بأنّه إنسان مفكّر واع حقّق أعطم الانتصارات. فهل
يمكن لمن شعاره الأساس «لا إله إلّا الله» ، وجهاده الرافض لأيّ نوع من أنواع
الشرك والوثنيّة. وحياته برهان على الإباء ورفض الأصنام ، يترك فجأة سيرته تلك
ليشيد بالأوثان؟!
ومن كلّ هذا نستنتج أنّ اسطورة الغرانيق
من وضع أعداء سذّج ومخالفين لا يخافون الله ، اختلقوا هذا الحديث لإضعاف منزلة
القرآن والرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لهذا نفى جميع الباحثين الإسلاميين من
السنّة والشيعة هذا الحديث بقوّة واعتبروه مختلقا .
وذكر بعض
المفسّرين تبريرا لهذه الإضافة بالقول : على فرض صحّة الحديث ، إلّا أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يتلو سورة النجم وبلغ (أَفَرَأَيْتُمُ
اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) استغلّ بعض المشركين المعاندين هذه الفرصة ، فنادى بلحن
خاص «تلك الغرانيق العلى وإنّ شفاعتهن لترتجى» فأشكلوا على الناس بالتشويش على
كلام الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. إلّا أنّ الآيات اللاحقة ردّتهم بإدانتها الشديدة
لعبادة الأصنام .
ويتّضح أنّ
بعضهم وجد في اسطورة الغرانيق نوعا من الرغبة لدى الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في كسب الوثنيين إلى صفوف المسلمين ، إلّا أنّ هذا
القول يعني ارتكاب هؤلاء المفسّرين خطأ كبيرا ، ويدلّ على أنّ هؤلاء المسوّغين
للوثنية لم يدركوا موقف الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إزاءها ، رغم أنّ المشهود تاريخيّا هو رفض الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم العطاء السخيّ من المشركين مقابل العدول عن رسالته
الإسلامية ...
أو أنّ هؤلاء
المبرّرين يتجاهلون ذلك متعمّدين.
__________________