الحقيقي ، إلّا أنّه يحتمل أنّها تشير إلى زلزال يوم البعث ، بدلالة قوله سبحانه : (لكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) والعبارات السابقة تكون كأمثلة. أي إنّ الموقف مرعب لدرجة أنّه لو فرض وجود ذات حمل لوضعت حملها ، وتغفل الامّهات عن أطفالهنّ ـ تماما ـ إن شهدن هذا الموقف.
٣ ـ نعلم أنّ كلمة «المرضع» تطلق في اللغة العربية على المرأة التي ترضع ولدها (١) ، إلّا أنّ مجموعة من المفسّرين وبعض اللغويين يقولون : إنّ هذه الكلمة تستخدم بصيغة مؤنثة «مرضعة» لتشير إلى لحظة الإرضاع ، أي يطلق على المرأة التي يمكنها إرضاع طفلها كلمة المرضع ، وكلمة المرضعة خاصة بالمرأة التي هي في حالة إرضاع طفلها (٢).
ولهذا التعبير في الآية أهميّة خاصّة ، فشدّة زلزال البعث ، ورعبه بدرجة كبيرة ، يدفعان المرضعة إلى سحب ثديها من فم رضيعها ونسيانه دون وعي منها.
٤ ـ إنّ عبارة (تَرَى النَّاسَ سُكارى) إشارة إلى أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو المخاطب فيها فيقول له : سترى الناس هكذا ، أمّا أنت فلست مثلهم ، ويحتمل أن يكون الخطاب للمؤمنين الراسخين في الإيمان الذين ساروا على خطى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بأنّهم في أمان من هذا الخوف الشديد.
٥ ـ نقل كثير من المفسّرين ورواة الحديث في خاتمة هذه الآيات حديثا عن الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو أنّ الآيتان من بداية السورة نزلتا ليلا في غزاة بني المصطلق (٣) ـ وهم حي من خزاعة ـ والناس يسيرون ، فنادى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فحثّوا المطي حتّى كانوا حوله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقرأها عليهم. فلم ير أكثر باكيا من تلك الليلة ، فلمّا
__________________
(١) يؤتى بعلامة التأنيث في حالة أن يكون للكلمة تذكير وتأنيث ، إلّا أنّ الحمل والإرضاع خاصين بالنساء ، لهذا لا حاجة لهما بتاء التأنيث وأمثالها.
(٢) يراجع قاموس اللغة ، وتفسير الكشّاف ، والتّفسير الكبير للفخر الرازي ، وتفسير الميزان.
(٣) وقعت هذه الغزوة في شهر شعبان في السنة السادسة للهجرة.