أطعمة بأربابها ، ومن النواميس المسلّمة عند نبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه لا يحلّ مال امرئٍ إلاّ بطيب نفسه (١) وفي الذكر الحكيم : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) (٢) ، فتجده يعزو الأموال إلى أربابها ويحرّم أكلها بالباطل إلاّ أنْ تستباح بتجارة شرعيّة تستتبع رضا المالك الخاصّ ، وهناك آيات كريمة كثيرة تربو على خمسين آية لم يعدها عزو الأموال إلى مالكيها. تقدّم شطر منها في صفحة (٣٤٠).
فأبو ذر في هذا الموقف يدعو إلى ضدّ الدعوة الاشتراكيّة الملغية للملكيّة الخاصّة ، ويرى مخالفة ذلك من المنكر الذي يجب النهي عنه ، فلم يردعه عمّا مضى فيه قول عثمان : مالك وذلك لا أُمّ لك.
ومن قوله لمعاوية لمّا بنى الخضراء : إن كانت هذه الدار من مال الله فهي الخيانة ، وإن كانت من مالك فهذا الإسراف.
فأبو ذر هاهنا يجوّز أن يكون المال مقسوماً إلى مال الله وإلى ما يخصّ للإنسان نفسه ، فيرتّب على الأوّل الخيانة ، وعلى الثاني السرف ، ولم ينقم على معاوية نفس تصرّفه في المال وإنّما نقم عليه أحد الأمرين الخيانة أو الإسراف ، ولو كان ملغياً للملكيّة لكان الواجب عليه أن ينتقد منه أصل تصرّفه في تلكم الأموال.
وتراه يسمّي مال المسلمين من الفيء والصدقات والغنائم مال الله ؛ وقد روى ذلك عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضاً لعثمان حيث قال له : أشهد أنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً جعلوا مال الله دولاً ، وعباده خولاً ، ودينه دخلا» وصدّقه في حديثه مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام.
وهذه التسمية لم تكن قصراً على عهد أبي ذر ومعاوية وإنّما كانت دارجة قبله
__________________
(١) مرّ الحديث ص ١٢٩. (المؤلف)
(٢) النساء : ٢٩.