قال ابن حجر في تطهير الجنان (١) هامش الصواعق (ص ١٤٢) وبسندٍ رجاله ثقات : إنّ مروان لمّا ولي المدينة كان يسبُّ عليّا على المنبر كلّ جمعة ، ثمّ ولي بعده سعيد بن العاص فكان لا يسبّ ، ثمّ أُعيد مروان فعاد للسبّ ، وكان الحسن يعلم ذلك فيسكت ولا يدخل المسجد إلاّ عند الإقامة ، فلم يرض بذلك مروان حتى أرسل للحسن في بيته بالسبّ البليغ لأبيه وله ، ومنه : ما وجدت مثلك إلاّ مثل البغلة يقال لها : من أبوك؟ فتقول : أبي (٢) الفرس. فقال للرسول : «ارجع إليه فقل له : والله لا أمحو عنك شيئاً ممّا قلت بأنّي أسبّك ، ولكن موعدي وموعدك الله ، فإن كنت كاذباً فالله أشدُّ نقمة ، قد أكرم جدّي أن يكون مثلي مثل البغلة». الى آخره.
ولم يختلف من المسلمين اثنان في أنّ سبّ الإمام ولعنه من الموبقات ، وإذا صحفَ ما قاله ابن معين (٣) كما حكاه عنه ابن حجر في تهذيب التهذيب (٤) (١ / ٥٠٩) من أنّ كلّ من شتم عثمان أو طلحة أو أحداً من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دجّال لا يكتب عنه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. انتهى.
فما قيمة مروان عندئذٍ؟ ونحن مهما تنازلنا فإنّا لا نتنازل عن أنّ مولانا أمير المؤمنين كأحد الصحابة الذين يشملهم حكم كلّ من سبّهم ولعنهم ، فكيف ونحن نرى أنّه عليهالسلام سيّد الصحابة على الإطلاق ، وسيّد الأوصياء ، وسيّد من مضى ومن غبر عدا ابن عمّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو نفس النبيّ الأقدس بنصّ الذكر الحكيم ، فلعنه وسبُّه لعنه وسبُّه وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من سبّ عليّا فقد سبّني ومن سبّني فقد سبّ الله» (٥).
__________________
(١) تطهير الجنان : ص ٦٣.
(٢) كذا في المصدر.
(٣) التاريخ : ٢ / ٦٦.
(٤) تهذيب التهذيب : ١ / ٤٤٧.
(٥) مستدرك الحاكم : ٣ / ١٢١ [٣ / ١٣١ ح ٤٦١٦] ، مسند أحمد : ٦ / ٣٢٣ [٧ / ٤٥٥ ح ٢٦٢٠٨] ، وسيوافيك تفصيل طرقه. (المؤلف)