وفيه : أنّها أقطعها مروان لمّا مضى عمر لسبيله. فقال : قال الشيخ : إنّما أقطع مروان فدكاً في أيّام عثمان بن عفّان رضى الله عنه وكأنّه تأوّل في ذلك ما روي عن رسول الله ، صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أطعم الله نبيّا طعمة فهي للذي يقوم من بعده ، وكان مستغنياً عنها بماله فجعلها لأقربائه ووصل بها رحمهم ، وذهب آخرون إلى أنّ المراد بذلك التولية وقطع جريان الإرث فيه ، ثمّ تصرف في مصالح المسلمين كما كان أبو بكر وعمر رضى الله عنهما يفعلان.
وفي العقد الفريد (١) (٢ / ٢٦١) في عدّ ما نقم الناس على عثمان : أنّه أقطع فدك مروان وهي صدقة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وافتتح إفريقية وأخذ خمسها فوهبه لمروان.
وقال ابن أبي الحديد في شرحه (٢) (١ / ٦٧) : وأقطع عثمان مروان فدك ، وقد كانت فاطمة عليهاالسلام طلبتها بعد وفاة أبيها صلوات الله عليه تارةً بالميراث وتارةً بالنحلة فدفعت عنها.
قال الأميني : أنا لا أعرف كنه هذا الإقطاع وحقيقة هذا العمل فإنّ فدك إن كانت فيئاً للمسلمين ـ كما ادّعاه أبو بكر ـ فما وجه تخصيصها بمروان؟ وإن كانت ميراثاً لآل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما احتجّت له الصدّيقة الطاهرة في خطبتها ، واحتجّ له أئمّة الهدى من العترة الطاهرة وفي مقدّمهم سيّدهم أمير المؤمنين عليه وعليهمالسلام ، فليس مروان منهم ، ولا كان للخليفة فيها رفع ووضع. وإن كانت نحلة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لبضعته الطاهرة فاطمة المعصومة ـ صلوات الله عليها ـ كما ادّعته وشهد لها أمير المؤمنين وابناها الإمامان السبطان وأُمّ أيمن المشهود لها بالجنّة فردّت شهادتهم بما لا يُرضي الله ولا رسوله ، وإذا رُدّت شهادة أهل آية التطهير فبأيّ شيء يُعتمد (٣)؟ وعلى أيّ حجّة يُعوّل؟
__________________
(١) العقد الفريد : ٤ / ١٠٣.
(٢) شرح نهج البلاغة : ١ / ١٩٨ ـ ١٩٩ خطبة ٣.
(٣) ضمّن قدسسره (يُعتمد) معنى (يوثَق).