وذهب كافّة العلماء إلى عدم جوازه ولم يلتفت أحد من أئمّة الفتوى إلى خلافه ـ قول عثمان ـ لأنّهم فهموا من تأويل كتاب الله خلافه ولا يجوز عليهم تحريف التأويل. وممّن قال ذلك من الصحابة عمر وعليّ وابن عبّاس وعمّار وابن عمر وعائشة وابن الزبير ، وهؤلاء أهل العلم بكتاب الله فمن خالفهم فهو متعسّف في التأويل. كذا قاله القرطبي في تفسيره (١) (٥ / ١١٦ ، ١١٧).
وقال أبو عمر في الاستذكار : روي مثل قول عثمان عن طائفة من السلف منهم ابن عبّاس ، ولكن اختلف عليهم ولم يلتفت إلى ذلك أحد من فقهاء الأمصار والحجاز ، ولا العراق ولا ما وراءهما من المشرق ولا بالشام والمغرب إلاّ من شذّ عن جماعتهم باتّباع الظاهر ونفي القياس ، وقد ترك من يعمل ذلك ظاهراً ما اجتمعنا عليه ، وجماعة الفقهاء متّفقون على أنّه لا يحلُّ الجمع بين الأُختين بملك اليمين في الوطء كما لا يحلُّ ذلك في النكاح (٢).
وحُكِيت الحرمة المتسالم عليهابين الأُمّة جمعاء عن عليّ ، وعمر ، والزبير ، وابن عبّاس ، وابن مسعود ، وعائشة ، وعمّار ، وزيد بن ثابت ، وابن عمر ، وابن الزبير ، وابن منبه ، وإسحاق بن راهويه ، وإبراهيم النخعي ، والحكم بن عتيبة ، وحمّاد بن أبي سليمان ، والشعبي ، والحسن البصري ، وأشهب ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد وإسحاق ، وأبي حنيفة ، ومالك (٣).
ومع المجمعين الكتاب والسنّة ، فمن الكتاب إطلاق الذكر الحكيم في عدّ
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن : ٥ / ٧٧.
(٢) تفسير ابن كثير ١ / ٤٧٣ ، تفسير الشوكاني : ١ / ٤١١ [١ / ٤٤٧]. (المؤلف)
(٣) راجع أحكام القرآن للجصّاص : ٢ / ١٥٨ [٢ / ١٣٠] ، المحلّى لابن حزم : ٩ / ٥٢٢ ، ٥٢٣ ، تفسير القرطبي : ٥ / ١١٧ ، ١١٨ [٥ / ٧٧ ، ٧٨] ، تفسير أبي حيّان : ٣ / ٢١٣ ، تفسير الرازي : ٣ / ١٩٣ [١٠ / ٣٦] ، الدرّ المنثور : ٢ / ١٣٧ [٢ / ٤٧٦]. (المؤلف)