الذهب (١) (٢ / ٢٤): إنّ عليّا ضربه [ضربةً] (٢) فقطع ما عليه من الحديد حتى خالط سيفه حشوة جوفه ، وإنّ عليّا قال حين هرب فطلبه ليقيد منه بالهرمزان : «لئن فاتني في هذا اليوم ، لا يفوتني في غيره».
هذه كلّها تنمّ عن أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام كان مستمرّا على عدم العفو عنه ، وأنّه لم يكن هناك حكم نافذ بالعفو يُتّبع ، وإلاّ لما طلبه ولا تحرّى قتله ، وقد ذكّره بذلك يوم صفّين لمّا برز عبيد الله أمام الناس فناداه عليّ : «ويحك يا ابن عمر علام تقاتلني؟ والله لو كان أبوك حيّا ما قاتلني». قال : أطلب (٣) بدم عثمان. قال : «أنت تطلب بدم عثمان ، والله يطلبك بدم الهرمزان» ؛ وأمر عليّ الأشتر النخعي بالخروج إليه (٤).
إلى هنا انقطعت المعاذير في إبقاء عبيد الله والعفو عنه ، لكن قاضي القضاة أطلع رأسه من مكمن التمويه ، فعزا إلى شيخه ، أبي عليّ أنّه قال (٥) : إنّما أراد عثمان بالعفو عنه ما يعود إلى عزّ الدين ، لأنّه خاف أن يبلغ العدوّ قتله فيقال : قتلوا إمامهم ، وقتلوا ولده ، ولا يعرفون الحال في ذلك فيكون فيه شماتة. انتهى.
أولا تسائل هذا الرجل؟ عن أيّ شماتة تتوجّه إلى المسلمين في تنفيذهم حكم شرعهم وإجرائهم قضاء الخليفة الماضي في ابنه الفاسق قاتل الأبرياء ، وأنّهم لم تأخذهم عليه رأفة في دين الله لتعدّيه حدوده سبحانه (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٦) ولم يكترثوا لأنّه في الأمس أُصيب بقتل أبيه واليوم يقتل هو
__________________
(١) مروج الذهب : ٢ / ٤٠٣.
(٢) من المصدر.
(٣) في المصدر : أطالب.
(٤) مروج الذهب : ٢ / ١٢ [٢ / ٣٩٩]. (المؤلف)
(٥) راجع شرح ابن أبي الحديد : ١ / ٢٤٢ [٣ / ٦٠ خطبة ٤٣]. (المؤلف)
(٦) البقرة : ٢٢٩.