الخليفة يعلم بنسبة الغضب إليه على إقامه حدّ الله وإيثار رحمه على حكم الشريعة؟ فيغضّ الطرف عنه رضاً منه بما يقول ، أولا يبلغه؟ وهو خلاف سياق الحديث الذي ينمّ عن اطّلاعه على كلّ ما هنالك ، وكان يتعلّل عن إقامة الحدّ بكلّ تلكم الأحوال ، حتى أنّه منع السبط المجتبى الحسن عليهالسلام لما علم أنّه لا يجنح إلى الباطل بالرقّة عليه وأحبّ أن يجلده زبانيته الذين يتحرّون مرضاته ، لكن غلب أمر الله ونفذ حكمه بمولانا أمير المؤمنين الذي باشر الحدّ بنفسه والظالم يسبّه وهو سلام الله عليه لا تأخذه في الله لومة لائم ، أو أمر ـ سلام الله عليه ـ عبد الله بن جعفر فجلده وهو عليهالسلام يعدّ كما في الصحيح لمسلم (١) والأغاني (٢) وغيرهما.
وهل الحدّ يعطّل بعد ثبوت ما يوجبه ، حتى يقع عليه الحجاج ، ويحتدم الحوار فيعود الجدال جلاداً ، وتتحوّل المكالمة ملاكمة ، وتعلو النعال والأحذية ، ويُشكّل أوّل قتال بين المسلمين بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعقيرة أمّ المؤمنين مرتفعة : إنّ عثمان عطّل الحدود وتوعّد الشهود. ويوبّخه على ذلك سيّد العترة ـ صلوات الله عليه ـ بقوله : «عطّلت الحدود وضربت قوماً شهدوا على أخيك» وهل بعد هذه كلّها يستأهل مثل هذا الفاسق المهتوك بلسان الكتاب العزيز أن يبعث على الأموال؟ كما فعله عثمان وبعث الرجل بعد إقامة الحدّ عليه على صدقات كلب وبلقين (٣) ، وهل آصرة الإخاء تستبيح ذلك كلّه؟
ليست ذمّتي رهينة بالجواب عن هذه الأسئلة وإنّما عليّ سرد القصّة مشفوعة بالتعليل والتحليل ، وأمّا الجواب فعلى عهدة أنصار الخليفة ، أو أنّ المحكّم فيه هو القارئ الكريم.
__________________
(١) راجع الجزء الثاني من صحيح مسلم : صفحة ٥٢ [٣ / ٥٣٩ ح ٣٨ كتاب الحدود]. (المؤلف)
(٢) الأغاني : ٥ / ١٤٢.
(٣) تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٤٢ [٢ / ١٦٥]. (المؤلف)